كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 264 """"""
أسواقهم . ولا نجاورهم بموتانا . ولا نتخذ من الرقيق ، من جرت عليه سهام المسلمين . ولا نطلع عليهم في منازلهم ، ولا تعلو منازلنا منازلهم . فلما أتيت أمير المؤمنين عمر بالكتاب زاد فيه : ولا نضرب أحداً من المسلمين .
شرطنا ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا عليه الأمان . فإن نحن خالفنا في شيء مما اشترطناه لكم علينا ، وضمناه عن أنفسنا ، وأهل ملتنا ، فلا دية لنا عليكم ، وقد حل بنا ما حل بغيرنا ، من أهل المعاندة والشقاق . فكتب عمر رضي الله عنه : امض ما سألوه ، والحق فيه حرفين ، اشترطهما عليهم ، مع ما شرطوه ، أنه من ضرب مسلماً عمداً فقد خلع عهده .
قال عبد الرحمن بن عثمان : وأجمع العلماء بعد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، على أنه متى نقض الذمي عهده ، بمخالفة شرط من هذه الشروط المأخوذة عليهم ، فالإمام مخيّر بين القتل ولاأسر . ويلزمهم مع ذلك أن يتميزوا عن المسلمين في اللباس والزي ، ولا يتشبهون بهم في أمر من أمور زيهم . ويشدون الزنانير في أوساطهم . ويكون في رقابهم خواتم رصاص أو نحاس أو جرس ، يدخل معهم في الحمام . وليس لهم أن يلبسوا العمائم والطيلسان .
وأما المرأة فتشد الزنار من تحت الإزار ، وقيل من فوق الإزار وهو الأولى . ويكون في عنقها خاتم رصاص ، يدخل معها الحمام . ويكون أحد خفيها أسود ، ليبقى مشتهراً ظاهراً ، والآخر أبيض . ويركبون الحمير بالأكف ، ولا يركبون بالسروج . ولا يتصدرون في المجالس ولا يبدأون بالسلام . ويلجأون إلى أضيق الطرق . ويُمنعون أن يعلو بناؤهم على أبنية المسلمين ، وتجوز المساواة ، وقيل لا تجوز ، بل يُمنعون . ويجعل الإمام عليهم رجلاً يكتب أسماءهم وحلاهم ، ويستوفي عليهم ما يأخذون به من هذه الشرائط . وإن زنى أحد منهم بمسلمة ، أو أصابها بنكاح ، برئت منه الذمة . وقال أبو هريرة : أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بهدم كل كنيسة استجدّت بعد الهجرة ، ولم يبق إلا ما كان قبل الإسلام . وسيّر عروة بن محمد ، فهدم الكنائس بصنعاء . وصانع القبط على كنائسهم بمصر ، وهدم بعضها ، ولم يبق من الكنائس إلا ما كان قبل بعثة النبي ، ( صلى الله عليه وسلم ) . هذا آخر ما لخصناه من الكتاب المذكور . فلنرجع إلى تتمة حوادث سنة سبعمائة .

الصفحة 264