كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 265 """"""
ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به
وفي هذه السنة ، في ذي القعدة ، وصل رسل غازان إلى البلاد الشامية ، وهم الأمير ناصر الدين علي خواجا ، والقاضي كمال الدين موسى بن يونس ، ورفيقهما . فوصل البريد من حلب بوصولهم . فرُسم بتوجه الأمير سيف الدين كراي المنصوري لإحضارهم . فتوجه على خيل البريد فأحضرهم إلى الأبواب السلطانية . وكان وصولهم إلى قلعة الجبل ، في ليلة الإثنين ، خامس عشر ذي الحجة . وأحضروا بين يدي السلطان ، في عشية نهار الثلاثاء ، فخطب كمال الدين خطبة في معنى الصلح ، واتفاق الكلمة ، ورغب فيه . ثم أخرج كتاباً نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم . بقوة الله تعالى ، وميامين الملة المحمدية فرمان السلطان محمود غازان .
ليعلم السلطان الملك المعظم الناصر ، أنه في العام الماضي ، بعض عساكرهم المفسدة ، دخلوا أطراف بلادنا ، وأفسدوا فيها ، لعناد الله وعنادنا ، كماردين ونواحيها ، وجاهدوا الله بالمعاصي فيمن ظفروا به من أهلها ، وأقدموا على أمور بديعة ، وارتكبوا آثاماً شنيعة ، من محاربة الله وخرق ناموس الشريعة . فأنفنا من تهجمهم ، وغرنا من تقحمهم . وأخذتنا الحمية الإسلامية ، فحدتنا على دخول بلادهم ، ومقاتلتهم على فسادهم . فركبنا بمن كان لدينا من العساكر ، وتوجهنا بمن اتفق منهم أنه حاضر . وقبل وقوع الفعل منا ، واشتهار الفتك عنا ، سلكنا سنن سيد المرسلين ، واقتفينا آثار المتقدمين . وافتدينا بقول الله : " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " . وأنفذنا صحبة يعقوب السكرجي ، جماعة من القضاة والأئمة والثقات . وقلنا : " هذا نذير من النذر الأولى أزفت الأزفة ليس لها من دون الله كاشفة " .
فقابلتهم ذلك بالإصرار ، وحكمتم عليه وعلى المسلمين بالأضرار ، وأهنتموهم وسجنتموهم . وخالفتم سنن الملوك في حسن السلوك . فصبرنا على تماديكم في غيّكم ، وخلودكم إلى بغيكم ، إلى أن نصرنا الله ، وأراكم في أنفسكم قضاه . " أفأمنوا مكرَ

الصفحة 265