كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 31 """"""
ثلاثة أيام في الجزيرة ، وليست داخلة في مملكته . ففارقه من كان معه من السواكرة ، وهم الأمراء ، وفارقه أيضاً الأسقف والقسوس ، ومعه الصليب الفضة ، الذي يحمل على رأس الملك ، وتاج المملكة ، وطلبوا الأمان ، ودخلوا تحت الطاعة . فأمنهم عز الدين المتولي ، وخلع على أكابرهم ، ورجعوا معه إلى دنقلة ، وهم في جمع كثير ، ولما وصلوا إليها ، عدّى الأمير عز الدين الأفرم ، والأمير سيف الدين قبجاق ، إلى البر الشرقي ، دون من معهما من العساكر .
واجتمع الأمراء بدنقلة ، ولبست العساكر آلة الحرب ، وطلّبوا من الجانبين وزينت الحراريق في البحر . ولعب الزارقون بالنفط ، ومدّ الأمراء الأخوان السماط في كنيسة أسوس ، وهي أكبر كنيسة بدنقلة . فلما أكلوا الطعام ، ملّكوا الملك الواصل من الأبواب السلطانية . وألبسوه التاج ، وحلّفوه للسلطان . وحلّفوا له أهل البلاد . وتقرر عليه البقط المستقر أولاً ، والبقط هو المقرر . وجرد عنده طائفة من العسكر . وقدم عليهم ركن الدين بيبرس العزي ، أحد مماليك الأمير عز الدين متولي قوص .
وعاد العسكر ، وكان وصوله إلى القاهرة في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستمائة ، وكانت مدة غيبته منذ خرج من ثغر أسوان ، إلى أن عاد إليه ستة أشهر ، وغنموا غنائم كثيرة .
فلما عاد العسكر عن دنقلة ، حضر سمامون إليها ليلاً ، وصار يقف على باب كل سوكري بنفسه ويستدعيه . فإذا خرج ورآه ، قبّل الأرض بين يديه وحلف له . فما طلع