كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 39 """"""
الفرنج على حارم . فكسرهم الملك العادل نور الدين محمود الشهيد بن زنكي ، وقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر . وكان من أسر ، القومص ريمند ، وذلك في سنة تسع وخمسين وخمسمائة ، وبقي في اعتقاله إلى أن ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب . فأعتقه في تاسع عشري شهر ربيع الأول سنة سبعين وخمسمائة . وبقي المُلك بيده ، ويد أولاده من بعده ، إلى أن فتحت هذا الفتح المبارك سنة ثمان وثمانين وستمائة في الأيام المنصورية وهدمت المدينة .
واستقر العسكر على عادته بحصن الأكراد والنائب عن السلطنة الأمير سيف الدين بلبا الطباخي المنصوري ، وكان اليزك ينزل إلى طرابلس ، من حصن الأكراد . ثم عمّر المسلمون مدينة مجاورة للنهر . واختلفوا بها ، وعمّروا فيها حمامات وقياسر ومساجد ومدارس للعلم . وأجريت المياه في دورها بقساطل وعمرت دار السلطنة ، ينزلها نائب السلطنة بالمملكة ، وهي عالية مشرفة على المدينة .
واستمر الأمير سيف الدين الطباخي في النيابة ، إلى أن نقل إلى حلب ، في الدولة الأشرفية ، في سنة إحدى وتسعين وستمائة . وولاها السلطان الأمير سيف الدين طغريل الإيغاني ، فأقام أياماً ، واستعفى فأعفاه السلطان الملك الأشرف . ورتب في النيابة ، الأمير عز الدين أيبك الخزندار المنصوري ، فبقي في النيابة إلى الأيام العادلية الزينية كتبغا المنصوري ، فعزل عنها في سنة أربع وتسعين وستمائة . ودفن بتربته التي أنشأها ، وهي بجوار حمامه بطرابلس وفوّضت النيابة بها بعده إلى الأمير سيف الدين كرت الحاجب ، فلم تطل أيامه إلى أن كان من دخول التتار البلاد ، ما نذكره إن شاء الله تعالى ، في أخبار الدولة الناصرية ، فشهد الوقعة وعدم ، وربما استشهد رحمه الله تعالى . ثم فوضت النيابة بعد خروج التتار من الشام ، إلى الأمير سيف الدين قطلبك المنصوري ، فتوجه إليها ، وأقام بها ، إلى سنة سبعمائة . واستعفي من النيابة فأعفي ، واستقر في جملة الأمراء بدمشق . وفوضت نيابة السلطنة إلى الأمير سيف الدين استدمر كرجي المنصوري ، فاستمر