كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
بها إلى سنة تسع وسبعمائة . وعمّر بها حماماً عظيماً ، أجمع التجار ومن يجوب البلاد ، أنه ما عمّر مثله في بلد من البلدان ، وعمر قيسارية وطاحوناً . وأنشأ مماليكه بها مساكن حسنة البناء ، تجري إليها المياه بالقنوات ، وتجري في طباقها ، وعمّر أيضاً بعض القلعة ، وأقام أبراجاً . وهذه القلعة مجاورة لدار السلطنة بطرابلس . وتمكن استدمر تمكّناً كثيراً ، وتأمّر عدة من مماليكه ، ثم نقل إلى حماه .
وفوض السلطان الملك الناصر نيابة المملكة الطرابلسية وما معها إلى الأمير سيف الدين الحاج بهادر الحاجب ، كان المعروف بالحلبي فأقام بها إلى أن توفي في ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة عشر وسبعمائة . وفوضت النيابة بها إلى الأمير جمال الدين أقش الأفرم ، فأقام بها إلى مستهل المحرم سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وفارقها ، وتوجه إلى بلاد التتار ، على ما تذكر ذلك ، إن شاء الله تعالى في أخبار الدولة الناصرية .
وفوضت النيابة بعده إلى الأمير سيف الدين كستاي الناصري ، فأقام بها ، إلى أن توفي في شهر رجب سنة ست عشرة وسبعمائة . وفوضت النيابة بعده إلى الأمير شهاب الدين قرطاي الصالحي ، وهو النائب بها الآن ، إلى حين وضعنا لهذا الجزء ، وذلك في سلخ شهر رجب ، سنة خمس وعشرين وسبعمائة . وسنذكر إن شاء الله تعالى ، أخبار هؤلاء النواب في موضعها من هذا الكتاب على ما سنقف عليه . وإنما أوردناها في هذا الموضع ، لتكون أخبار طرابلس سياقة ، وإن كان على سبيل الإجمال والاختصار . ولنرجع إلى سياقة أخبار الدولة المنصورية .
ذكر ما اتفق عليه في الدولة المنصورية على حكم السنين خلاف ما ذكرناه من إقامة النواب ، ومهادنة الفرنج ، والحوادث الغريبة ، التي يتعين إيرادها والوفيات سنة ثمان وسبعين وستمائة [ 678 ه 1279 م ]
قد قدمنا بعض حوادث هذه السنة ، في ابتداء الدولة المنصورية ، وبقي منها تتمة نذكرها في هذا الموضع .
في هذه السنة فوض السلطان الملك المنصور نيابة السلطنة ، بحصن الأكراد ، وما معه من الفتوحات ، لمملوكه الأمير سيف الدين بلبان الطباخي .
وفيها ، في ذي القعدة ، فوض نظر الدواوين بدمشق ، للصدر جمال الدين