كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
وجرد الأمير بدر الدين بكتاش النجمي إلى حمص ، والأمير علاء الدين أيدكين البندقدار الصالحي ، إلى الساحل لحفظ البلاد من الفرنج . وفيها ، كتب الأمير سيف الدين بلبان الطباخي ، نائب السلطنة الشريفة بحصن الأكراد ؛ إلى السلطان يستأذن في غزو الفرنج بالمرقب ، لأنهم لما بلغهم قدوم التتار ، قويت نفوسهم ، وامتد طمعهم . فأذن السلطان له في ذلك . فجمع جيوش الحصون ، وأمر التركمان والرجالة ، واستصحب المجانيق وآلات الحصار . وتقدم إلى حصن المرقب ، ونزل بالقرب منه ، فاختفى أهله ، ولم يتحركوا في مبدأ الحال . فقوي طمع العسكر فيهم ، وتقدموا إلى جانب الحصن ، فرشقهم الفرنج بالسهام والجروخ من أعلى الحصن ، وسهام المسلمين لا تصل إليهم . فاضطرب العسكر ، وأمرهم الطباخي أن يتأخروا عن الحصن ، فظنوها هزيمة وولوا ، فما أمكنه إلا أن يتبعهم . وخرج الفرنج في أعقابهم ونالوا من المسلمين ، وجرحوا منهم جماعة ، ونهبوا وأسروا جماعة من الرجالة . وبلغ السلطان ذلك ، فأنكره وكبر لديه ، وعزم على السفر .
ذكر توجه السلطان إلى الشام
وفي سنة تسع وسبعين وستمائة أيضاً ، عاد السلطان إلى الشام . وكان خروجه من قلعة الجبل ، في مستهل ذي الحجة . ونزل بها ولده الملك الصالح ، ورتب في خدمته الأمير علم الدين سنجر الشجاعي ، لاستخراج الأموال ، وغير ذلك .
وفي هذه السنة ، في ذي الحجة ، وصل الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا من العراق ، إلى خدمة السلطان . وعاود الطاعة ، وسأل الصفح ، عن ما فرط من ذنبه ، من إعانة سنقر الأشقر ، وما كان عزم عليه من الانضمام إلى التتار ، وكان اجتماعه بالسلطان بمنزلة الروحاء . ولما وصل إلى الخدمة ، ركب السلطان إليه ، وتلقاه وأكرمه ، وبالغ في إكرامه وأحسن إليه .
وفيها ، في يوم الأربعاء ، وقت العصر ، رابع عشر المحرم ، توفي الشيخ نور الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ جلال الدين أبي العزائم همام ابن راجي الله سرابا بن أبي الفتوح ناصر بن داود الشافعي ، إمام الجامع الصالحي بظاهر القاهرة ، خارج باب زويلة ، ودفن من الغد بسفح المقطم ، رحمه الله تعالى . وولي الإمامة بالجامع الصالحي بعده ، ولده الشيخ تاج الدين أبو محمد عبد الله محمد .
وفيها ، في يوم الثلاثاء ، ثاني عشر شوال ، توفي الأديب جمال الدين أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد بن علي المصري ، المعروف بالخرّاز الشاعر