كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
فظهرت له كرامة من كرامات الفقراء ، فتبعه جماعة من أولاد المغل . فخرج بهم من تلك البلاد إلى الشام ، ثم إلى الديار المصرية . ومثلوا بين يدي السلطان ، فأحسن إليهم ، منهم الأقوش وتمر وعمر ، ثلاثة إخوة ، وجويان وجماعة ، رتب السلطان بعضهم في جملة الخاصكية ، وتنقلوا إلى الإمرة . ثم ظهر من الشيخ على أمور أنكرت عليه فسجن ، ثم سجن الأقوش ، ومات نمر وعمر في الخدمة .
وفي هذه السنة ، في صفر ، قبض السلطان على الأمير بدر الدين بيسري الشمس ، والأمير علاء الدين كشنغدي الشمسي وغيرهما ، واعتقلوا . واستمر الأمير بدر الدين بيسري في الاعتقال إلى الدولة الأشرفية ، فأفرج عنه ، على ما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى .
وفيها ، في يوم عرفة ، قبض بدمشق على الأمير عز الدين أيبك كرجي ، والأمير علم الدين الروباسي ، والأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير عز الدين أيدمر الظاهري . نائب السلطنة ، والده بدمشق كان ، وعلي زين الدين ابن الشيخ عدي ، واعتقلوا .
وفيها ، في حادي عشرين شهر رمضان ، احترق سوق اللبادين وسوق جيرون بدمشق ، إلى حيطان الجامع . واتصل الحريق إلى حمام الصحن ، ودار الخشب . وكان ابتداء الحريق من وقت المغرب ، واستمر ثلاثة أيام ، وركب بسببه نائب السلطنة وسائر الأمراء ، والعسكر ، والحجارين والنجارين ، حتى خرّبوا قدام النار فانقطعت . واحترق سوق الكتبيين ، فكان ما احترق فيه لشمس الدين إبراهيم الجزري الكتبي ، خمسة عشر ألف مجلد ، غير الكراريس والأوراق . وكان سبب هذا الحريق ، أن بعض الذهبيين غسل ثوبه ونشره ، وجعل تحته مجمرة نار وتركها ، وتوجه للفطور ، فتعلقت النار بالثوب ، واتصلت ببارية كانت معلقة ، ومنها إلى السقف . وسلم أربعة دكاكين من ناحية درج اللبادين .

الصفحة 59