كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 68 """"""
اقتضى تمسكهم به ، وحظي عند والدة السلطان أحمد ، في صغر أحمد ، وتألّف به فلما ملك التتار ، حكّمه في سائر ممالكه . ورسم له أن يركب بالجتر ، فركب به ، ثم جهزه في هذه الرسالة فمات . وبقي أصحابه في الاعتقال مدة ، وضُيّق عليهم . ثم كتب الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام ، إلى السلطان بسببهم ، فرسم بإطلاقهم . واستمر الأمير شمس الدين في الاعتقال ، ونقل إلى قلعة الجبل ، واعتقل بها مدة طويلة . ثم أفرج عنه بعد ذلك ، وولي نيابة دار العدل بالديار المصرية .
وفي سنة اثنتين وثمانين أيضاً ، وصل من جهة تدان منكو ، الجالس على كرسي الملك ، ببيت بركة ، نفران من فقهاء القفجاق ، وهما مجد الدين أطا ونور الدين وأحضرا على أيديهما كتاباً من جهته بالخط المغلي ، فقرئ فكان مضمونه ، أنه دخل في دين الإسلام ، وأنه أقام شرائع الملة المحمدية ، وأوصى على الفقيهين الواصلين بكتابه ، وأن يساعدا على الحج المبرور . وذكرا من ألسنتهما مشافهة ، أن الملك سأل السلطان ، أن ينعته نعتاً ، يتسمى به من أسماء المسلمين ، ويرسل إليه علماً خليفتياً ، وعلماً سلطانياً ، يقاتل بهما أعداء الدين . فجهز السلطان الفقيهين إلى الحجاز ولما عادا جهزهما إلى مقصدهما .
وفيها ، أمسك تبرك ، كان بالحدث من جبال طرابلس . وكانت شوكته قد قويت ، وانضم إليه جماعة كثيرة من أهل تلك الجبال ، وتحصن بالحدث . فقصده التركمان ، وتحيلوا عليه ، حتى تمكنوا منه وأسروه وأحضروه ، وكفى الله المسلمين شره .
وفيها ، خرج صاحب قبرص غازياً ، لقصد الساحل ، فرمته الريح إلى جهة بيروت ، فخرج منها ، وقصد الإغارة على تلك الجهات . فكمن له أهل جبل الخروب ، وخرجوا عليه ، فقتلوا وأسروع من جماعته ثمانين رجلاً ، وأخذوا له شيئاً كثيراً من المال والخيل والبغال ، وركب في البحر ، وتوجه إلى صور ، ولم يلبث أن هلك .