كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)
"""""" صفحة رقم 80 """"""
ذكر حادثة السيل بدمشق
وفي يوم الأربعاء ، العشرين من شعبان ، سنة ثلاث وثمانين وستمائة ، الموافق الأول من تشرين الثاني ، وهو خامس هاتور ، أمطرت السماء ، في أول الليل ، وتوالى المطر وهطل وكثر ، واشتد صوت الرعد ، وتوالى البرق طول الليل إلى أول النهار . ثم أقبل السيل وارتفع ، حتى بلغ إلى حد السيل الذي ذكرناه في سنة تسعة وستين وستمائة . وحمل جميع أثقال من برز ثقله من الأمراء المصريين والجند ، وحمل الخيل والجمال والصناديق وغير ذلك . فيقال إنه عدم للأمير بدر الدين بكتاش النجمي ، ما تزيد قيمته على أربعمائة ألف درهم وخمسين درهم ، وصدم السيل باب الفراديس ، فكسر أقفاله ، وما خلفه من المتاريس ، ودخل الماء إلى المدرسة المقدمية ، وبقي كذلك حتى ارتفع النهار . ثم جف الماء في يومي الأربعاء والخميس . ثم جاء مطر شديد ، وهو دون المطر الأول ، فهدم عدة مساكن ، في جبل قاسيون ، وبظاهر دمشق وحواضرها . ثم انحط الماء ، وتوجه السلطان بعد أن نضب الماء ، إلى الديار المصرية . واستقل ركابه من دمشق ، في يوم السبت الثالث والعشرين من شعبان ، ووصل إلى قلعة الجبل في يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر رمضان من السنة .
ذكر وفاة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشيء من أخباره وأمر ولده الأمير حسام الدين مهنا
في هذه السنة ، كانت وفاة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا بن مانع بن حذيفة أمير العرب . وصُلي عليه بدمشق صلاة الغائب ، في يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الأول . وقد ذكرنا ابتداء إمرته ، في ابتداء الدولة الظاهرية . وكان رحمه الله رجلاً ديناً خيراً ، انتفع الإسلام به ، في مواطن كثيرة . وصلحت العربان في أيامه ، وقل فسادهم ، بل كاد يعدم ،