كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 31)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
مع لينه وحسن سياسته . وكانت الإمرة قبله لابن عمه الأمير علي بن حذيفة . وكان كثير السفك للدماء ، ويقتل مفسدي العرب ، بأنواع القتل ، فكانت له قدر كبيرة منصوربة ، لاتزال على النار مملوءة ماء ، والنار توقد تحتها ، فمتى وقع له مفسد من العرب ألقاه فيها حياً ، فيسقط لحمه لوقته . وقتل خلقاً كثيراً بذلك وبغيره من أنواع العذاب . هذا والفساد في أيامه مستمر ، وأمر العرب لا يزداد إلا شدة . فلما ولي الأمير شرف الدين عيسى بعد وفاته ، أنزل القدر وامتنع من سفك دم إلا بحكم الله . فعلم الله صدق نيته ، وأصلح له من أمر العرب ما فسد في أيام غيره ، وصلحت سيرتهم في أيامه ، وانحسمت مادة أذاهم للقفول وغيرها ، مَناً من الله تعالى .
ولما مات رحمه الله تعالى ، فوض السلطان إمرة العرب بعده ، لولده الأمير حسام الدين مهنا . وزاده السلطان إقطاعاً ، وبسط يده ، فسلك سهيل والده في الخير والإحسان . وأطاعه العرب كافة ، وعظم شأنه عند الملوك وغيرهم . وهو على ذلك إلى وقتنا هذا ، الذي وضعنا فيه هذا الكتاب .
ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماه وولاية ولده الملك المظفر
في حادي عشر شوال من هذه السنة ، توفي الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن الملك المظفر ، تقي الدين محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر ابن شاهانشاه بن أيوب ، صاحب حماه ، رحمه الله تعالى . ومولده في الساعة الخامسة ، من يوم الخميس لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول ، سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، فتكون مدة حياته إحدى وخمسين سنة وستة أشهر وأربعة عشر يوماً . وملك حماه يوم السبت ثامن جمادى الأولى ، سنة اثنتين وأربعين وستمائة ، وهو اليوم الذي توفي فيه والده ، فتكون مدة مملكته بحماه ، إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام .
ولما ورد الخبر بوفاته ، رسم السلطان الملك المنصور ، بتفويض ملك حماه ، لولده الملك المظفر تقي الدين محمود ، وأجراه مجرى والده في التشاريف والمكاتبات .

الصفحة 81