كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 2)

أنا هو، فأقبل على سودة معه فقال: احتفظوا هذا، قال: فلما حرست لحقتني الندامة، وذكرت رأي أبي عمرو بن العلاء، فتأسّفت عليه، ودخل الربيع فلم يطل حتى خرج خصيّ فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بي بيتا حصيئا فأدخلنيه، ثم أغلق الباب عليّ وانطلق فاشتدّت ندامتي، وأيقنت بالهلاك وخلوت بنفسي ألومها، فلما كان الظهر أتاني الخصيّ بماء فتوضّأت وصلّيت، وأتاني الطعام فأخبرته أني صائم، فلما كان المغرب أتاني بماء فتوضّأت وصلّيت، وأرخى عليّ الليل سدوله يئست من الحياة، فسمعت أبواب المدينة تغلق وأقفالها تشدّد، فامتنع مني النوم فلما ذهب صدر من الليل أتاني الخصيّ، ففتح عني ومضى بي فأدخلني صحن الدار، ثم أدناني من ستر مسدول فخرج علينا خادم فأدخلنا فإذا أبو جعفر وحده وإذا الربيع قائم ناحية، فأكبّ أبو جعفر هنيهة مطرقا ثم رفع رأسه فقال: هيه؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا قطر بن معاوية، فقد واللَّه جهدت عليك جهدي، فعصيت أمرك، وواليت عدوّك، وحرصت على أن أسلبك ملكك، فإن عفوت فأهل ذلك أنت، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني، قال: فسكت هنيهة ثم قال: هيه؟ فأعدت مقالتي، قال: فإن أمير المؤمنين قد عفا عنك، يا أمير المؤمنين إني امرؤ من وراء بابل لا أصل إليك، وضياعي ودوري مقبوضة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يردّها فعل، قال: فدعا بالدواة ثم أمر خادما له يكتب بإملائه: إلى عبد الملك بن أيوب النميري -وهو يومئذ بالبصرة- إن أمير المؤمنين قد رضي عن قطر بن

الصفحة 1054