كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 2)

والاعتقال وبالتعذيب، بله القتل والتشريد، قال شيخ الإسلام: "الشارع أمر كل إنسان بما هو المصلحة ليه وللمسلمين، فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم. . . وأمر الرعية بالطاعة والنصح. . . وأمر بالصبر على استئثارهم ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم؛ لأن الفساد الناشئ من القتال في الفتنة، أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر فلا يزال أخف الفسادين بأعظمهما" (¬١)، والمراد أن كل واحد عليه أن يقوم بما أمر اللَّه به ولا يدفعه حظ نفسه وهواها أن يجاوز حكم اللَّه، كما فعل قتلة الحسين -رضي اللَّه عنه- حين أبوا إلا أن يستأسر لهم، رغم مرضه عليهم أن يرجع إلى بيته أو يذهب إلى الثغر أو يذهبوا به إلى ابن عمة يزيد، فلم يمكنوه من كل ذلك وأبوا إلا أن يستأسر لهم، قال شيخ الإسلام: "ومعلوم باتفاق المسلمين أن هذا لم يكن واجبا عليه، وأنه كان يجب تمكينه مما طلب، فقاتلوه ظالمين له، ولم يكن حينئذ مريدا لتفريق الجماعة، ولا طالبا للخلافة، ولا قاتل على طلب خلافة، بل قاتل دفعا عن نفسه لمن صال عليه وطلب أسره" (¬٢)، والمراد أن منهج أهل السنة والجماعة في هذا هو المنهج الوسط، وطريق العدل بجمع الكلمة وتأليف القلوب، وبهذا أفتى العلماء المعاصرون لما حدث من فتن وقلاقل في بعض البلدان الإسلامية، ومن ذلك النصيحة الذهبية لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه اللَّه لمن حمل السلاح في الجزائر
---------------
(¬١) منهاج السنة (٤/ ٥٤١ - ٥٤٢)، وانظر (٤/ ٥٦٠).
(¬٢) منهاج السنة (٨/ ١٤٧).

الصفحة 1057