كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 2)

٩٥١ - حدثني علي، عن محمد بن الحسين قال: حدثني حكيم بن جعفر قال: حدثني عصام بن طليق، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي الجلد قال: "لقيني رجل من أهل العجم، فشكا إلي سلطانه وما يلقى منه من الظلم، فقلت له: ألا أدلك على أمر إن أخذت به وتركت ما سواه كفيت أمر السلطان وغيره، قاله: بلى، قلت: ارجع إلى أهلك وتوكل على اللَّه في أمرك كله؛ فإنك إن تفعل تجد ما أقول لك، قال: فلقيني بعد ذلك فجعل يشكرني ويقول: إني واللَّه رجعت يومئذ إلى أهلي وتوكلت
---------------
= لخلف بن حوشب: اجمع بقيَّةَ من بَقِي، واصنع طعاما، فجمعهم فقال لهم ذلك، وذكر بعده عن أحمد قوله: "انظروا إلى الأعمش ما أحسن ما قال، مع سرعته وشدّة غضبه"، والذي يظهر لي واللَّه أعلم أن رواية المصنف أولى فإن الوليد كان خليفة يوم قتل، وكان بالشام مقر ملك بني أمية، وقد تولى عزله والخروج عليه بعض أولاده، وهذا يجعل كونه المراد في القصة بعيدا، أما زيد بن علي فقد كانت الحادثة في الكوفة كما في السير (٥/ ٣٨٩)، وهي الأقرب إلى موطن الأعمش فهو كوفي، لا سيما وأنه ذكر عنه أنه فيه تشيع كما في تهذيب الكمال (٣/ ٣٠٣)، فلعله فعل ذلك حتى يقطع دابر الفتنة، ويخمد محاولة الثأر، ويحقن دماء المسلمين فلا يقول متقول أو يتمنى متمنٍّ أن يصدر من الأعمش شيئا، ولهذا كان تعليق الإمام أحمد -الذي عرف عنه نهيه الشديد عن السيف- تعليقا قوِّيا فيه إشادة بهذا الموقف الحاسم في مثل هذا الوقت العصيب، وأن شدة غضب الأعمش وسرعته لم تمنعه أن يلجمها بلجام الشرع، ويحكمها بحكم الدين، وهكذا العلماء الربّانيون يضبطون عاطفتهم ويحكِّمون فيها شرع اللَّه، ولا يجعلونها تسوقهم سوق ناقة هو جاء بلا زمام ولا خطم.

الصفحة 1067