كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 2)

-رضي اللَّه عنه- ومن قاتله قال: "جرى الشيطان بين الفريقين حتى اقتتلوا، ثم ندموا على ما فعلوا، وتاب أكثرهم" (¬١)، وقال رحمه اللَّه: "إن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبيَّن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة، والزبير، وعلي رضي اللَّه عنهم أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم" (¬٢)، وهنا تنبيه مهم جدا يدل على خطورة القتال في الفتنة، وأن النية الحسنة لا تبرر فعل من فعله، فإن الذين ندموا عن قتالهم هم من أفاضل الصحابة وكبارهم، ومن هنا فإن من بعدهم "ليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدرا عند اللَّه وأحسن نية من غيرهم" (¬٣).
---------------
(¬١) الاعتقاد (٣٧٣).
(¬٢) منهاج السنة (٤/ ٣١٦).
(¬٣) منهاج السنة (٤/ ٥٢٩).

الصفحة 1074