كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 3)

حيث وردت نصوص تفيد أن الطائفة المنصورة تكون ببيت المقدس، أو بحمل النصوص على الخصوص وإن كان اللفظ لفظ عموم، فالمراد أنها تقوم في الأغلب على شرار الخلق وهذا لا يمنع أن يكون فيهم خيار وهم الطائفة الظاهرة المنصورة (¬١)، وكلا القولين لا يزيلان الإشكال، ولذلك تعقبهما الحافظ ابن حجر بأن قيام الساعة على شرار الخلق فقط أيدته عمومات كثيرة، ولذلك لا يمكن حمل الساعة على معناها الحقيقي في حق الطائفة المنصورة، قال: "الجمع بينه وبين حديث: "لا تزال طائفة" حمل الغاية في حديث: لا تزال طائفة، على وقت هبوب الريح الطيبة، التي تقبض روح كل مؤمن ومسلم، فلا يبقى إلا الشرار، فتهجم الساعة عليهم بغتة" (¬٢)، فتبقى هذه الطائفة ظاهرة منصورة إلى أن يأتي أمر اللَّه أو قيام الساعة، والمراد بذلك الريح التي تهب فتأخذ كل مؤمن وذلك بعد نزول عيسى عليه السلام (¬٣)، ومقاتلة الدجال وظهور الآيات الكبرى للساعة، فلا يبقى إلا شرار الناس تقوم عليهم، قال ابن حجر: "وجدت في هذا مناظرة لعقبة بن عامر ومحمد بن مسلمة فأخرج الحاكم من رواية عبد الرحمن بن شماسة: أن عبد اللَّه بن عمرو قال: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية، فقال عقبة بن عامر: عبد اللَّه أعلم
---------------
(¬١) نقل ابن بطال قول الطبري، وكلاهما نقله ابن حجر في الفتح (١٣/ ٢٩٤).
(¬٢) فتح الباري (١٣/ ١٩، ٧٧).
(¬٣) وقد جاء ذلك مصرحا به كما سيأتي في أثر السكسكي قريبا.

الصفحة 1113