كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 1)
حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي؛ فإن وجد الضر الأخروي: بأن خشي فتنة في دينه، لم يدخل في النهي. . . وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففي الموطأ عن عمر أنه قال: "اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط" (¬١) وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن عمر، وأخرج أحمد وغيره من طريق عبس ويقال عابس الغفاري أنه قال: يا طاعون خذني، فقال له عليم الكندي: لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يتمنين أحدكم الموت"، فقال إني سمعته يقول: "بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم" (¬٢) الحديث، . . . وأصرح منه في ذلك حديث معاذ الذي أخرجه أبو داود وصححه الحاكم في القول في دبر كل صلاة وفيه: "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون" (¬٣) " (¬٤).
وقد اعتنى ابن رجب رحمه اللَّه بشرح هذه المسألة في كتابه الجليل اختيار الأولى فقال: "وهذا من أهم الأدعية؛ فإن المؤمن إذا عاش سليمًا من الفتن، ثم قبضه اللَّه تعالى إليه، قبل وقوعها وحصول الناس فيها،
---------------
(¬١) سيأتي (٦٩٤) تخريجه في باب الآثار الواردة في الصحابة والإمامة.
(¬٢) مسند الإمام أحمد (٢٥/ ٤٢٧) رقم (١٦٠٤٠)، وقال محققوه: "حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف" ثم توسعوا في تخريجه.
(¬٣) انظر السنة لابن أبي عاصم (١٦٩ - ١٧٠) فقد صححه الشيخ الألباني رحمه اللَّه.
(¬٤) فتح الباري (١٠/ ١٢٨)، وانظر الاستذكار (٣/ ١١٨)، وسبل السلام (٢/ ٨٩).