كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 1)
المبحث الثالث عشر: الآثار الواردة في السخط
٤٣٢ - حدثني عبد العظيم بن عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم بن جشم -مولى عبد اللَّه بن عامر- قال: حدثني أبي قال: سمعت صالحا المري (¬١) يقول: "دخلت دار المورياني وهي خراب فقلت: يا دار ما فعل أهلك؟ فإذا أنا بمناد ينادي من أقصى الدار: قف يرحمك اللَّه يا صالح، هذا سخط مخلوق على مخلوق، فكيف سخط الخالق على المخلوق؟ لا إله إلا اللَّه" (¬٢).
التحليل والتعليق
تضمن أثر صالح المري إثبات صفة السخط اللَّه تعالى، وهي الغضب نفسه (¬٣)، لكن السخط هو أشد ما يكون من الغضب (¬٤)، ونقل القرطبي عن الماوردي قوله: "الفرق بينهما: أن السخط إظهار الكراهة، والغضب إرادة الانتقام" (¬٥)، وكما سبق في التعليق السابق أن الغضب والسخط صفة قائمة باللَّه تعالى، ويترتب عليها العذاب واللعنة.
---------------
(¬١) لعله: صالح بن بشير بن وادع المُرِّي، أبو بشر البصري، القاص الزاهد، ضعيف مات سنة (١٧٢ هـ) وقيل بعدها، التقريب (٢٨٤٥).
(¬٢) إسناده لين؛ فيه شيخ المصنف وأبوه لم أجد لهما ترجمة، الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان (٧٧) رقم (٦١)، والذي بعده، وفيه: "فخرج عليّ أسود من ناحية الدار"، وقصة المورياني مع المنصور انظرها في تاريخ الإسلام (١/ ١١٠٨).
(¬٣) انظر القاموس المحيط (٢/ ٥٣٦)، ومشكل الحديث (١/ ٤٨٥).
(¬٤) انظر التعاريف للمناوي (٤٠٠).
(¬٥) تفسير القرطبي (١٦/ ١٠١)، والنهاية في غريب الحديث (٢/ ٣٥٠).