كتاب الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا (اسم الجزء: 2)

السلمي، حدثني يحيى بن عروة بن أذينة قال: "أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك (¬١)، فأنشدوه فنسبهم فلما عرف أبي (¬٢) قال: ألست القائل:
لقد علمت وما الإشراف في طمعي ... أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فيعنِّيني تطلّبه ... ولو قعدتُّ أتاني لا يعنّينِّي
فهلَّ جلست حتى يأتيك؟ فلما خرجوا من عنده جلس أبي على راحلته حتى أتى المدينة، وتنبّه هشام عليهم فأمر بجوائزهم ففقد أبي فسأل عنه فأُخبر بانصرافه فقال: لا جرم، واللَّه ليعلمنَّ أن ذلك سيأتيه في بيته، ثم أضعف له ما أعطى واحدا من أصحابه وكتب له فريضتين كنت أنا آخذهما" (¬٣).

٤٥١ - حدثني محمد بن صالح القرشي، حدثني محمد بن عمر
---------------
(¬١) هو الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، أبو الوليد، بويع بعهد من أخيه يزيد، كان حازما عاقلا ورعا، فتحت عدة بلدان في عهده، تاريخ الخلفاء (٢١٨).
(¬٢) هو عروة بن أذينة، الليثي الحجازي، شاعر مشهور، وله وفادة على هشام بن عبد الملك، وكان من فحول الشعراء، تاريخ الإسلام (١/ ٩٣٦)، وانظر أخباره مفصلة في الأغاني (١/ ٣٣٠).
(¬٣) إسناده ضعيف؛ فيه شيخ النميري وشيخه لم أجد لهما ترجمة، مكارم الأخلاق (١١٣) رقم (٤٣٥)، واعتنى به الأصفهاني في الأغاني (٢١/ ١٠٦)، فأخرجه من ثلاثة طرق، كلها عن عمر بن شبة به، واعتنى برواية بقية الأبيات وهي أبيات قوية في العفة وترك السؤال إذا أدّى إلى منقصة في دين أو مروءة، وأورده في المستطرف في كل فن مستظرف (١٥٧) بلفظ مخالف قليلا وفي آخره قوله لرسول الأمير: "أبلغ أمير المؤمنين مني السلام، وقل له: كيف رأيت قولي؟ سعيت فأكديت فرجعت، فأتاني رزقى في منزلي".

الصفحة 567