كتاب إرشاد السالك إلى أفعال المناسك (اسم الجزء: 1)

الحسنات (¬1)، فالقلب المصر على المعصية واللّاهي عن التوجه والالتجاء إِلى الله تعالى في قضاء حاجته متلاعب مَمْقُوت، والآيات الكريمة دالّةٌ على ذلك، فقد قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (¬2).
ومعنى فليستجيبوا لي، أي: فليجيبوني بالطاعة. والقلب المصر أو اللاهي غير مجيب، والفاء في قوله {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} جواب الشرط.
وقال عزّ من قائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (¬3) أي يستكبرون عن دعائي ومسألتي، وقيل: عن توحيدي.
وقال عزّ من قال: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (¬4) *.
وقال عزّ من قائل: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬5).
¬__________
(¬1) قول يحيى بن معاذ في (حلية الأولياء: 10/ 53) ونصه: "من كان قلبه مع الحسنات لم تضره السيئات، ومن كان مع السيئات لم تنفعه الحسنات".
(¬2) البقرة: 186.
(¬3) غافر: 60.
(¬4) الأعراف: 55، وتمامها: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
(¬5) الأنعام: 43.

الصفحة 396