كتاب المسودة في أصول الفقه

قلت الأول هو مقتضى قول مكحول ويحيى بن أبي بكير أن السنة تقضى على الكتاب والكتاب لا يقضى على السنة وأحمد تورع عن هذا الإطلاق ووافق على المعنى فقال لا أجترئ أن أقول هذا ولكن أقول السنة تفسر الكتاب وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ولم يذكر العكس أن الكتاب يفسر السنة وكذلك اختلفت المذاهب1 وكلام أحمد في نسخ السنة بالكتاب على ما سيأتي وكلام هؤلاء السلف يقتضي منع نسخها به ومنع تخصيصها به لأن لفظ القضاء يشمل ذلك وهو الأغلب على كلام الشافعي.
فصل:
لا يخص العموم بالبقاء على [حكم] 2 الأصل الذي هو الاستصحاب ذكره أبو الخطاب محل وفاق.
__________
1 في ب "اختلف المذهب".
2 كلمة "حكم" ساقطة من ا.
مسألة لا يجوز تخصيص العموم بالعادات عندنا
قال أبو الخطاب خلافا لبعضهم: ولم يسمه [د] وأظنه أبا حنيفة وهذا فيه تفصيل فإن العادات في الفعل مثل أن يكون عادة الناس شرب بعض الدماء ثم تحرم الدماء بكلام يعمها فهذا الذي لا يجوز تخصيص العموم به وهو الذي أراده أبو الخطاب وأما إن كانت العادة في استعمال العموم مثل أن يحرم أكل الدواب والدواب في اللغة اسم لكل ما دب ويكون عادة الناس تخصيص الدواب بالخيل مثلا فانا نحمل الدواب على الخيل وليس هذا بتخصيص على الحقيقة وإنما هو تخصيص بالنسبة إلى اللغة هذا كله معنى كلام القاضي في الكفاية ومعناه غير معنى كلامه في الكتب الفقهية والتي في الأصول أنها لا تخرج من العام.

الصفحة 123