لا يرفع الناس ما أوهى ولو جهدوا. . . لا يرفعون ولا يُوهون ما رفعا (¬1)
قال الشافعيّ رحمه الله: سرق (¬2) هذا (¬3) البيتين من الأعشى) (¬4).
فلما دخل عليه تضوّر وقال له: يا بُنَيّ إنّي وطّدت لك البلاد والعباد، وما بقيتُ أخاف عليك إلا من ثلاثة (¬5): ابن الزُّبَير، وعبد الله بن عمر، والحسين بن علي. فأمّا ابن عمر فرجل قد خلي الدنيا. وأمّا ابن الزُّبَير فيُغلَب، فإنْ ظفرت به فلا تُبْقيه (¬6). وأمّا الحسين فله قرابة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ورحِمًا، ماسَّهُ، فإنْ ظفرتَ به فلا تقتُلْه، واصنع به خيرًا (¬7).
(وقال له: أي بُنَيّ، كنت قد صحِبتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنت أمنّ الماءَ ذات يوم على يديه، فنظر إلى قميصي وقد انخرق من عاتقي، فقال:/ 49/ "يا معاوية، ألا أكسُوك قميصًا"؟ قلت: بلى. فكساني قميصه الذي يلي بدنه. واجتزّ يومًا، فأخذت جزازة شعره وقُلامة أظفاره. فإذا أنا متّ يا بُنَيّ فاجعل ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعارًا من تحت أثوابي، واجعل ذلك الشعر والأظافير في فمي ومِنخَري، فإن نفع شيء، والله غفور رحيم) (¬8) (¬9).
وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام (¬10).
وخلّف يزيد.
* * *
¬__________
(¬1) الأبيات في: المعمّرون 157، والطبري 5/ 328، والأغاني 16/ 33 (طبعة دي ساسي)، وأنساب الأشراف 5/ 161 (طبعة دار الفكر)، والفتوح لابن أعثم 5/ 6، 7، والعقد الفريد 4/ 349 والاستيعاب 3/ 399، وأسد الغابة 4/ 387، والكامل 3/ 123، وتاريخ دمشق 59/ 230، والبداية والنهاية 8/ 144، وانظر: ديوان الأعشى - ص 57 و 161، البيتان 51 و 72.
(¬2) في الأصل: "شرف".
(¬3) الصواب: "هذين".
(¬4) ما بين القوسين ليس في "ب". وانظر: ديوان الأعشى 86.
(¬5) فى النسختين: "من ثلاث".
(¬6) في "ب": "فلا تبقه".
(¬7) وجاء على هامش "ب": "في تاريخ زبدة الفكرة أنه ذكر أربعة، ومنهم عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما. وكتبه الحسن الثوري لطف الله به". وانظر: الكامل 3/ 120.
(¬8) الحديث في: أنساب الأشراف 4/ 153، وتاريخ الطبري 5/ 327، وتاريخ دمشق 59/ 231، والكامل 3/ 121، وتاريخ الإسلام (عهد معاوية) 316.
(¬9) ما بين القوسين ليس في "ب".
(¬10) الإنباء 202، تاريخ دمشق 59/ 237، الطبري 5/ 324، وانظر: الكامل 3/ 120، وفي النسخة "ب": وكانت خلافة معاوية نيّفًا وعشرين سنة".