كتاب محمد فوزي فيض الله العلامة الفقيه المربي

الفرح -: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطا من شدة الفرح ".
الشرج ا لأدبي:
قال شيخنا - تحت عنوان الشرح الأدبي -:
"أراد النبي ع! ي! أن يرغب الصحابة في التوبة، ويحثهم على المبادرة
إليها، بأسلوب غير مباشر، يضفي عليها كثيراً من الأخاذية والفعالية، فانتزع له
صورة من واقع حياتهم المألوفة، التقطها من الصحراء المترامية، التي يعيشون
في أطرافها، والناقة التي يتنقلون عليها بين واحاتها.
كانت الصورة خيالية، تمثل أعرابياً، قدر له أن ينطلق مجتازاً عرض
الصحراء، في سفر بعيد شائق، يكابد 5 إلى أن يبلغ مقصد 5، وأعد لذلك السفر،
راحلته النجيبة القوية، وحمل عليها ما يكفيه من الزاد من طعام جشب (1)، وماء
يسير كاف.
وبينما كان يمشي آمناً، رضي النفس، هادى الفكر، مطمئناً إلى هدفه
البعيد، مسترسلاً في استعراض النتائج التي تترتب على هذه الرحلة الطويلة،
والمكاسب المغرية، فوجئ بناقته الوديعة الطيعة، تشرد في نفور شديد، وتعدو
بما حمله عليها من طعامه وشرابه كله، كأنم! طرق قلبها سحر الصحراء، أ و
رونق الضحى البهيِّ، أو ذلك السكوت الرهيب المطبق الذي تسبح في أعماقه.
فانطلق يعدو ليسترجعها بكل قوته ومكناته؟ ولكن حيل بينه وبينها، إ ذ
كانت أقوى منه قوة، وأوسع في الخطا، واقدر على العدو، فلما استيأس منها،
وتوارت عن ناظريه، خلف الكثبان والسهوب، دلف إلى شجرة تظله من حر
الهاجرة، إن كان لشجر الصحراء بقية من ظل، والقى بجنبه على الأرض، واهن
العزم، متقطع الأنفاس، مستسلماً للوساوس، يفكر في المصير المحتوم الذي
ينتظر 5، لا ظهر لديه فيركب، ولا زاد يطعمه فيبقي على حياته، ولا رفيق في هذ5
(1)
جَثْب وجَثِب: غليظ، او بلا آدم (القاموس) 0
0 2 1

الصفحة 120