كتاب محمد فوزي فيض الله العلامة الفقيه المربي

عيسى سيسافر إلى الحجاز، وسيحمل هذ 5 الدنانير ليوزعها هناك على فقراء
المدينة، المجاورين فيها لسيدنا الرسول - صلوات اللّه وسلامه عليه - يابني إ ن
الشيخ عيسى من عشَاق الرسول، وإنه يحمل الزكوات والصدقات كل عام، إلى
الفقراء المجاورين هناك، حبأ في الرسول - عليه افضل الصلاة والسلام -.
كان هذا في الثلاثينيات من هذا القرن حيث لم يكن في الحجاز ولا في
الجزيرة بترول، وكانت ميزانية السعودية كلها تقوم على ما يفرض على الحجاج
إلى بيت الله الحرام من الرسوم والضرائب لأداء المناسك.
ودارت الأيام دورتها ف! ذا بي في سن العشرين، أتابع الشيخ، وأتلقى منه
العلم، في جلسات خاصة، في اوائل الأربعينيات في جامعه الخاص، ومعي
زميل فاضل، ما يزال عائشأ، يدرس في بعض الجامعات.
قرأنا على الشيخ في جامعه هذا - خلال الصيف - بعض الكتب الصغيرة،
اذكر منها: (بستان العارفين) للإمام النووي، و (جواب اهل الإيمان في ان قل
هو الله احد تعدل ثلث القرآن)، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
كان الشيخ يستمع لقراءتنا، وسبحته الصفراء الطويلة في يد 5، ولسانه
دائب في الصلاة على النبي ع! يو يفهم قراءتنا ويشرح ويجيب عن اسئلتنا، ويطرح
إشكالات ثم يحلها، ولا يفتر عن الصلاة على الرسول - صلوات الله وسلامه
عليه -.
فدخلت على الشيخ مرة في القبلية الصيفية، بعد العصر، كالعادة لحضور
الدرس، ومعي زميلي، فراينا الشيخ الذي جاوز السبعين، في براءة الأطفال،
وفيما يشبه عبثهم وشغبهم. . إنه ينشد الشعر، ويغنيه، وبهتز ويطرب ضاحكأ
مسرورأ، فما شككت في ان الشيخ مأخوذ مُلتاث، قد مسه شيء، ننكر 5 ولا
نعرفه، ونرا 5 ولا نفسر 5، ونبتئس له، ولا نقدر على رد 5 عنه. . وما هي إ لا
ساعة، حتى سُري عن الشيخ فانقطع النشيد، وامتغ التغني، ووقفت
142

الصفحة 142