كتاب محمد فوزي فيض الله العلامة الفقيه المربي

المستعمرين، وجدال المهووسين، وفوضى المنحلين، فظهرت الحكمة
الإلهية في اختيارها لتحظى بشرف مولد خاتم رسله، وحامل رسالته الخالدة،
إلى الناس اجمعين لتكون هي العقيدة الراسخة، والشريعة المؤبدة إلى يوم
الدين.
" هُوَ الَذِى بَعَثَ قِ اَقاِمتنَ رَسُولا مِنهُغ شرُأ عَيئهِتم ءَايَهِء رَيُركيهِتم وَلُعَفِمُهُمُ
اَتكِعَف وَأروكِمَةَ لَ! ن؟ لؤا مِن قتلُ لَنى ضَلَلى مُبِيهز" ا الجمعة: 2).
انفق الرسول جميم بعد ان شزَفه الله برسالته، ثلاث عشرة سنة في مكة،
يدعو اهلها إلى توحيد الله، ومكارم الأخلاق، وأحكام خفيفة تتصل بالعقيدة؟
فقاومو 5، وناوؤو 5، وناصبو 5 العداء، وكالوا له التهم، وقالوا ساحر، وقالوا
مجنون. . وما آمن معه إلا قليل.
فأذن الله تعالى بالهجرة إلى يثرب - لما هموا بقتله - فدخلها في هذا الشهر
الميمون، وامن به اهلها، وعزرو 5 ونصرو 5 واتبعوا النور الذي انزل معه.
وفي يثرب، التي سميت المدينة فيما بعد، بنى قبل كل شيء مسجد5
الجامع، واصلح بين الأوس والخزرج الحزبين المتناطحين المتحاربين قبل
سنين طويلة، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، فكوَن أول مجتمع أخوي
مثالي اقامه على المساواة والعدل، وأقام في هذا المجتمع دولة الإسلام
الأولى، دولة الدين والدنيا، اقامها على نظام الشورى، وقاعدة تبادل الراي،
وحرية العقيدة والفكر.
في تلك الصحراء الجرداء، الخاوية الخالية - إ لا قليلأ لا يكاد يذكر - من
مقومات الحضارة والتقدم، ومن اولئك البدو والبسطاء المتحاربين
المتنازعين، كؤن -بتأييد الله وعونه - أمة فذة قوية موحدة في الدين واللغة، وفي
الهدف وفي الأرض، قهرت إمبراطوريات الترف المفسد، والسرف المبيد، في
فارس وروما وبيزنطة، وامتدت في نصف قرن - وما تزال تمتد - من الصين حتى
مراكش، رغم الاستعمار وقواته وابواقه ومحاولاته سحق الإسلام والمسلمين،
من الماضي إلى الحاضر.
160

الصفحة 160