كتاب محمد فوزي فيض الله العلامة الفقيه المربي

أما ان كان المواجه للخلات من عامة الناس، ممن قصرت عنه المعرفة،
وانقطعت به دروب العلم، ولا قدرة له على التصدي لمزاحمة أهل العلم
والفتيا، ومقارعتهم بالحجج القوية والأدلة الكافية، فليس له حيال ذلك إ لا احد
أمرين:
ا لأول: ان يرجع إلى ما يرجحه اهل العلم والتقوى من الرايين المختلفين،
او الاَراء المختلفة، فيسال من يثق بدينه وعلمه تقواه، عن الراي الراجح، الذي
يتخذه حكمأ، ويعمل به.
كذلك كان يفعل ابن وهب، تلميذ مالك؟ الحافظ للحديث، ويقول:
لولا مالك والليث لهلكت، فقيل: كيف ذلك؟ قال: حفظت الحديث فحيوني
فجعلت اسأل مالكاَ والليث، فكانا يقولان لي: خذ هذا و ع هذا.
وا لأمر الاَخر: ان يسنفتي قلبه، ويحتاط لدينه، ويعمد إ لى أحد الحكميق
إلى الله وا لأبرأ لدينه عنده.
كما روي عن النواس بن سمعان - رضمي الله عنه - أنه جاء إلى النبي -! ص
فسأله النبي ع! بد! قائلاَ: "جئت تسأل عن البر؟! فقال: قلت بلى يارسول الله!
فقال النبي! كً: "والبِرُ ما سكنتْ إليه النفسُ، وتردَدَ في الصدرِ، وإن أفتاك
المفتون ".
ذلك ان الله تعالى فطر عباده على الميل إلى الحق، والسكون إليه، ورَكَزَ
في ضمائرهم وطبائعهم حب الحق، فالقلب المؤمن من لا يستجيب للباطل؟
ولو جعله بعض الناس رخصة، لأن في قلبه نورأ من نور الله، ف! دْا ورد عليه
الباطل نفر منه، وابتعد عنه، فاضطرب لذلك قلبه.
والنفس التي حُفت باللذاذات، وحفلت بالمحرمات، تطمئق الى الإثم،
وتستجيب الى الشر والباطل. والنفس! التي جافت المعاصي، وتخلت عن
ظلمات الشهوات، ترحب بالحق، وترضى به، وتتحلى باليقين.
37

الصفحة 37