في كل حق مما سوى الوقف والإرث، وذلك تدبير قضائي إداري - في الأصل-
للشك في الحق الذي تقادم عليه الزمن دون مطالبة به، ولاجتناب عراقيل
الإثبات بعد التقادم، وقطع دابر الحيل والتزوير لإثباته.
وقد اخذت المجلة (المادة: 1662) بتحديد مدة التقادم بخمسة عشر
عاماً في جميع الحقوق، ما عدا الوقف، فإن المدة فيه ست وثلاثون سنة،
والأراضي الأميرية فهي فيها عشر سنين.
وكان السلاطين يأمرون قضاتهم في جميع ولاياتهم بأن لا يسمعوا دعوى
بعد مضي خمسة عشر عاماً سوى الوقف والإرث. كما نقله ابن عابدين عن
حاشية (الأشبا 5 والنظائر). ونقل في (الحامدية) فتاوى من المذاهب الأربعة
بعدم سماعها بعد النهي المذكور، وهذا لأن القضاء في الفقه الإسلامي مظهر
للحق لا مثبت له، وهو يتخصص بزمان ومكان وخصومة، كما نقله الحصكفي
عن أبي السعود.
ونقل ابن عابدين عن (جامع الفتاوى) للعتابي أن المتأخرين من أهل
الفتوى قالوا: لا تُسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة، إلا أن يكون المدعي
غائباَ، أو صبياَ، أو مجنوناً، وليس لهما ولي؟ ونقل عن الطحطاوي عن
الخلاصة أنها لا تسمع بعد ثلاثين سنة، وقال بعد ذلك ابن عابدين: ثم لا يخفى
أن هذا ليس مبنياً على المنع السلطاني، بل هو منع من الفقهاء، فلا تسمع
الدعوى بعد 5، وإن أمر السلطان بسماعها.
- ومما تقدم يبدو أن المنع في الشريعة بسبب التقادم، إنما هو بالنسبة إلى
سماع الدعوى قضاء فقط، أما الحق نفسه فإنه باق ديانة، وهو قديم ثابت،
لايسقط إلا بالأداء أو الإبراء. فلا يكسب مضي الزمن ملكية، ولا يسقط حقاَ
مشروعاً، خلافاَ للتقنينات الغربية، التي انحدرت عن الرومان، الذين كانوا
يكسبون الحق بملكية الزمن، والقوانين التي اشتقت منها.
ومن النصوص الشرعية في هذا:
95