كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

الشرح للعلامة محمد تقي هو اولاها بالتنويه، وأوفاها بالفوائد والفرائد،
واحقها بأن يكون هو (شرح العصر) للصحيج الثاني.
فهو موسوعة بحق، تتضمن بحوثاً وتحفيقات حديثية، وفقهية
ودعوية وتربوية، وقد هيأت له معرفته بأكثر من لغة، ومنها الإنكليزية،
وكذلك قراءاته لثقافة العصر، واطلاعه على كثير من تياراته الفكرية، أ ن
يعقد مفارنات شتى بين احكام الإسلام وتعاليمه من ناحية، وبين الديانات
والفلسفات والنظريات المخالفة من ناحية أخرى، وان يبين هنا أصالة
الإسلام وتميزه، كما فعل في مقدمة كتاب الطلاق.
ومما أعجبني هنا نفله عن والده العلامة محمد شفيع رحمه الله،
تلك الكلمة المخلصة المضيئة بنور الحق، حيث قال لجماعة من الطلاب:
"لا بأس أن تكونوا حنفية في مذهبكم الففهي، ولكن إياكم أ ن
تتكلفوا جعل الحديث النبوي حنفيأ! ".
فما أصدقها من نصيحة، وما أبلغها من كلمة!
إن الكتاب حافل بالعلم، ئري بالتحقيق، يلمس فيه قارئه جهداً
صادقاً مضنياً، بذله صاحبه، غير ضنين به، ولا متثاقل عنه، كل ذلك
بأسلوب بيّن، وبعيد عن الألغاز والتعقيد، فجاء بحمد الله وتوفيقه جامعاً
بين الأصالة والمعاصرة، محققاً لامال كثير من طلاب العلم وعشاق السنة
ومحبي الفقه.
وقد أخالف المصنف حفظه الله في بعض ما ذهب إليه، أو اختاره
ورجحه من أحكام واراء، وهذا أمر طبيعي، نظراً لاختلاف البيئة بمؤثراتها
الفكرية والنفسية والاجتماعية، والإنسان - وإن بلغ في العلم ما بلغ - ابن
زمانه ومكانه وئقافته، وهذه سنة الله في البشر، ولكن لا يملك المرء مع هذا
الاختلاف - وهو قليل - إلا أن يحترم علم المؤلف ورأيه، ويقدّر اجتهاده
112

الصفحة 112