كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

الجادة التي اختارها يوم دعا زعماءه إلى فكرة تأسيسه، وهي فكرتها
الإسلامية، وبعد وصوله إلى باكستان جعل وضع دستور إسلامي للدولة
نصب عينيه، فبذل ليله ونهاره في تحقيق هذا الغرض مع إخوانه العلماء،
فكثفوا جهودهم، ووحدوا كلمتهم، وشددوا ضغوطهم بكل حكمة
وبصيرة على الحكومة التي كانت تحاول أن تضع دستوراً شبه علماني،
حتى نجحوا بوضع خطوط عريضة للدستور الأساسي في البلاد باسم
(القرار الأساسي) للدولة، وهذا القرار يحول دون النفوذ العلماني
الدستوري في البلاد، واليوم قد ضمّ القرار المذكور إلى دستور باكستان
كجزء مهم منه، والفضل يرجع بعد اللّه إلى جهود الشيخ محمد شفيع
وأصحابه من العلماء الصالحين.
ومما يلفت النظر أن الشيخ رحمه اللّه لم يغفل عن خدماته التدريسية،
ونشر العلوم الإسلامية في البلاد الجديدة في معترك الجهود السياسية التي
تنسي المرء نفسه، فأنشأ مركزاَّ تَعليميأ في مدينة كراتشي باسم (دار العلوم
- كراتشي)، واليوم تعتبر هذه المدرسة أكبر مركز علمي في منطقة جنوب
اَسية، ولبّى الشيخ رحمه الله نداء ربّه بعد أن ادى دوره القيّم في العاشر من
شوال سنة 396 ا هـ.
وخلَّف الشيخ رحمه اللّه اثاراً علمية كثيرة ترشد المسلمين في كل
مجال من مجالات الحياة إلى خير (1).
ولا نتعرض لذكرها في هذه العجالة خشية التطويل والخروج عن
(1) احوال الشيخ محمد شفيع رحمه الله مأخوذة ملخصة من مقال للشيخ القاضي
محمد تقي حفظه اللّه، كتبه والحقه برسالة والده (الازدياد السني على اليانع
الجني)، إنظر ص 2 وما بعدها.
19

الصفحة 19