كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

ويتقدم هؤلاء المفكرون الكبار الشيخ محمد شفيع رحمه الله، فإنه
شعر بضرورة إيجاد هذه الحلقة، وذلك من خلال تجاربه الطويلة في
مجال الفتوى ومواجهة الأوضاع الحديثة المعقّدة، فبذل جهودأ مشكورة،
وتشهد على ذلك مؤلفاته الفقهية القيمة التي هي خير أنموذج لهذا النوع
من الإنتا! العلمي.
وخطى الشيخ محمد شفيع رحمه الله خطوة جادة أخرى في هذا
المضمار، حيث استنهض همة نجله الذكي النبيل محمد تقي العثماني
حفظه الله بعدما نهل من دراسة العلوم الإسلامية للدخول في مضمار
الدراسات الحديثة، وبالرغم من كثرة ألوان وأنواع الدراسات الحديثة
اختار له دراسة الاقتصاد والسياسة والقانون، فإن هذ 5 العلوم لها صلتها
المباشرة بالفقه ا لإسلامي وفاقاً وخلافاً.
وأبلى الشيخ محمد تقي العثماني حفظه الله في هذا الصعيد بلاءً
حسناً، واستطاع بتوفيق من الله تعالى أن يتقن هذه المواد العلمية الثلاث
إتقان خبير محئك، ثم اكمث على إعمال الثقافتين إعمال النحل في عصارة
مختلف الزهور والثمار، فجاء بنتاج علمي كفه غذاء روحي وعلمي سائغ
من مزيج عناصر مستقاة من العلوم الإسلامية الأصيلة، وتتجلى هذ 5 المزية
في خدماته الفقهية التي قدمها - وما زال يقدمها -في مجالات شتى.
ومن ناحية أخرى فقد كان له ذوق أدبي رفيع في اللغات: العربية،
والأردية، والإنكليزية، ومما يلفت النظر أنه سخّر ذوقه الأدبي لخدمة
الموضوعات العلمية الجافة، فلا يطغى ذوق الأديب على ذوق العالم،
كما لا يطغى ذوق العالم على ذوق الأديب، فيأتي بالموضوع العلمي
الدقيق في ثوب أدبي تتسارع معانيه إلى الادهان، وبالرغم من ذلك فقد
مارس قرض الشعر في اللغة الأردية، وخير ما يمثل ذلك قصيدته المطولة
34

الصفحة 34