كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

4 - جهوده في أسلمة القوانين في باكستان:
وقد أشرنا فيما مز أن باكستان قد ألسّست على كلمة ا لإسلام، وكان
أكبر أمنية المسلمين من إقامتها هي تنفيذ الشريعة الإسلامية فيها، وبالتالي
إيجاد مجتمع متكافل يستقي من الثقافة الإسلامية بمفاهيمها الحقيقية
الأصيلة، ولكن مع الأسف الشديد فإن هذ 5 الأمنية لم تتحقق بأكملها
لأسباب كثيرة، من بينها كون السلطة الحاكمة حكرأ على أشخاص أ و
جماعات مصبوغين بصبغة الثقافة الغربية العلمانية، وبُعدهم عن الثقافة
ا لإسلامية وقيمها، ومولعين بحب الرئاسة والحكومة مما أدى إلى تجاذب
سياسي غير منقطع بين الأحزاب السياسية، فظلّت البلاد طوال خمسين
عاماً ماضية تشهد الأزمات السياسية المتتالية، ولم يلقَ التقنين على وفق
الشريعة الإسلامية ما كان يستحق من عناية السلطات الحاكمة.
وفي هذه الأوضاع المؤلمة لم تبق جماعة العلماء المخلصين
صامتة وبعيدة عن الصراع الدائر بين القوى الدينية والعناصر العلمانية،
فقد أدت جهودا مشكورة لإرشاد الحكومات إلى وضع القوانين وفق
الشريعة الإسلامية، وخير ما يمثل ذلك ما قام به العلماء من جهود جبارة
في وضع بند خاص في الدستور بشأن الطائفة القاديانية الكافرة.
وللشيخ القاضي محمد تقي حفظه اللّه الحظ الأوفى في هذه الجهود
المباركة بالرغم من عدم انتمائه إلى أيّ حزب سياسي، فوفقه الله أن يقوم
بجهود مؤثرة واسعة النطاق وبعيدة المدى.
وقام بخدماته في هذا المجال بعيداً عن ضوضاء ا لسياسة وهتافا تها،
وأدّى دور 5 - وما زال يؤدّي - دور المجاهد الصامت، الذي لا يبتغي
ببطولاته مدحأ ولا مكافأة، وإنما يريد رفع لواء الحق والانتصار الكامل
على الباطل ابتغاءَ مرضاة ربه، وأداءً لواجبه تجا 5 دينه ووطنه وامته، فظلّ
39

الصفحة 39