كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

ب- مكافحة التيار التجديدي (على النمط الغربي):
وقد تقدمت الإشارة إلى أن فضيلة الشيخ محمد تقي حفظه الله لا
يخالف (التجديد) بمعنى البحث عن الجديد النافع الموافق لمبادئ
الشريعة الإسلامية، وعلى الأقل غير المعارض لها، بل يعتبره شعوراَ
طبيعياً للإنسان، وسراً أساسياً ل! بداع والتقدم الإنساني، يقول في بعض
كلماته:
"الميل إلى (التجديد) في ذاته شعور مستحسن، وعاطفة إنسانية
فطرية، ولو لم تكن هذه الرغبة مودعة في طبيعة الإنسان لما تقدم من العهد
الحجري إلى العهد الذري، ولما استطاع ان يتجاوز ركوب الإبل والعربات
إلى ركوب الطاثرات والأقمار الفضائية، ولما وصل من مصابيح الشمع
والزيت إلى الأنوار الكهربائية الباهرة للأنظار، وكل هذا التقدم الإنساني
العلمي الذي يلامس من جانب عنان السماء ويصل من جانب إلى اعماق
البحار ليس إلا رهين حبّ الإنسان للاستطلاع والتجديد، ورغبته في
البحث عن الأفضل " (1).
واستشهد بوقائع تاريخية من عصر الرسالة على أن الإسلام لا يكبت
هذا الشعور الإنساني النبيل، بل يشجعه وينميه، فاستخدام المنجنيق
وحفر الخنادق في الغزوات، وإرسال صحابيين إلى الشام للتعرف على
صناعة الدبابة، وغير ذلك من الهدي النبوي الشريف في حفز الهمم
وترغيبها فيما يساعد الإنسان على التقدم والرفي من أبرز تعاليم الإسلام
في هذا الباب.
ولكنه كعالم داعية، يرفض رفضاً باتاًالتجديد بمعنى التقليد الأعمى
(1) اسلام اور جدت بسندى، ص 7.
85

الصفحة 85