كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

في الأمور التي لاعلاقة لها بالتقدم الإنساني الحقيقي، بل هي أمور هامشية
يختارها الكفار لكونها جزءأ من حضارتهم، ويختارها ضعاف النفوس من
المسلمين تقليداً لهم، وميلأ منهم إلى الدعة والترف، وجرياً وراء كل من
تسوّل لهم أنفسهم التخريب تحت غطاء (التجديد). فقال في كلمة له:
" إن التغيير الذي خلّفته الثورة الصناعية الغربية في الحياة الإنسانية
على نوعين:
نوع لعب دوراً جذرياً في التقدم العلمي الحالي، ومن دون هذا
التغيير في الحياة لم يكن في إمكان الإنسان أن يصل إلى ما وصل إليه من
الانتصارات العلمية، وثورات التقنية الحديثة، ومن مظاهر هذا النوع
التغيير الصناعي كبناء المصاح الفخمة، وإنشاء الجسور العظيمة، وإشادة
السدود الكبيرة، وارتفاع مستوى الإنسان العلمي، وهذا الجانب من
الثورة الصناعية يستحق الثناء الجميل، ويجب على العالم الإسلامي أ ن
يعتني بهذا الجانب، والإسلام لا يحول دون هذا التقدم الإيجابي، بل
ويعتبره من باب (القوة) التي أمر القران الكريم بإعدادها0
والنوع الثاني: بعض الظواهر التي برزت مع الثورة الصناعية،
ولكن لم يكن لها أي دور في التقدم الصناعي المادي، ومن دون أي مبرر
معقول اعتبرها الغرب من اثار الثورة الصناعية، من ذلك انتشار السفور،
والاجتماع المختلط للجنسين، والرقص والموسيقى، ومعاطاة الربا،
وتحديد النسل. . . وغير ذلك من الأمور الهامشية التي لم تكن لها أية
علاقة بالتقدم العلمي، بل وأثبتت التجارب أن هذه ا لأمور كثيراً ما عرقلت
أسباب التقدم العلمي.
وهذا هو الجانب الذي يجب على العالم الإسلامي أن يتجنَّبه،
فليخض العالم الإسلامي في الثورة الصناعية، ولكن يجب أن تكون ثورته
86

الصفحة 86