كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

الظاهر، ولكن لم يرضَ بذلك عثمان رضي اللّه عنه، وإنما أجابهم بقوله:
" هكذا إزار صاحبنا ع! جم)) (1).
" واخرج أبو نُعيم وابن منده عن جثامة بن مساحق الكناني رضي اللّه
عنه، وكان عمر رضي الله عنه قد بعثه رسولاً إلى هرقل، قال: جلستُ فلم
أدرِ ما تحتي؟ فإذا تحتي كرسي من ذهب، فلما رأيته نزلت عنه، فضحك،
فقال لي: لم نزلت عن هذا الذي أكرمناك به؟ فقلت: إني سمعت رسول الله
لمج! ي! ينهى عن مثل هذا" (2).
فالحديث عن مثل هذه الأخبار طويل، وتاريخنا مفعم بهذه النماذج
الطيبة لأتباع النبي الكريم جم! يمّ، والذي يتحضل من أمثال هذه القصص هو
أن الصحابة رضي اللّه عنهم قد اتبعوا النبي الكريم لمج! ي! اتباعاً كاملاً، لا مدخل
فيه للهوى ولا للتحريف، ولا للخوف من ا لأجانب، ولا للمبالاة باستهزاء
الكفار والمشركين.
وأما نحن - فمع إيماننا بأن سيرته جم! ي! خير سيرة -نفزق بين سننه وللّه،
فنختار منها ما نهواه، ونترك أخرى قائلين مرة بأنها سنة عادية لا يجب
علينا اتّباعها، كأننا وجدنا عادة خيراً من عادته لمج! ي! فاتّبعناها، والعياذ باللّه،
وتارة بأنها سنّة تخالف المصلحة في ظروفنا الحاضرة، وأخرى بأنها كانت
مشروعة في وقته ولء.
فأمثال هذه التأويلات التي نرتكبها في حياتنا ليلاً ونهاراً، إنما تدذ
على أن إيماننا بسنّة الرسول جم! م ينقصه الحب، وهذا هو الفرق العظيم
البيّن بين إيماننا وإيمان الصحابة رضي اللّه عنهم، فلو كنا نريد أن نلقى
(1)
(2)
كنز ا لعمال: 8/ 6 5.
المصدر السابق: 7/ 5 1؟ والإصابة: 1/ 228.
95

الصفحة 95