كتاب محمد تقي العثماني القاضي الفقيه والداعية الرحالة

وطوراَ نراه يرثي لما يشاهد عند المسلمين هذه الأيام من البدع،
والتخلف العقلي، والابتعاد عن الفهم الصحيج للشريعة الإسلامية،
والاستسلام للأساطير التاريخية المختلفة، كما قد فعل حينما مرّ على
مزارات بعض أئمة أهل البيت، وكبار رجال الصوفية، وما عليها من
زخرفة، واناس يمارسون نشاطات غير مرضية من وجهة النظر الشرعية في
كربلاء، والنجف الأشرف، وبغداد من المدن العراقية.
إذن فمجموعة رحلاته المطبوعة ليست حكايات لمسافر ينزل هنا،
ويأكل هنالك، وينظر لفلان وفلان، كما ألفينا ذلك عند جماهير من
يدونون رحلاتهم في هذه ا لأيام، بل هي رحلات لداعية مخلص متواضع،
لا يكتب رحلاته إلا لأهداف دعوية، وينظر إليها نظر رجل خاشع لجلال
عظمة الله عزّ وجلّ، فلا يمشي في أرضه سبحانه وتعالى لمجرّد أن يتمتع
بخيراتها، ويغض عن ذلك الجانب العطيم من الاَداب الطاهرة التي يمنحنا
إياها ديننا الحنيف، ولنسمع إلى ما يقول في مستهل رحلته:
" وعندما أنطر إلى شخصي يخيّل إليئ أن تسجيل رحلاتي نوع من
التخئط، وأذكر قول والدي رحمة الله عليه: إن ذبابة أو بعوضة لو طارت
من مكان إلى مكان فمن يكتب رحلتها؟ ولماذا يكتبها؟. . . ولكن لما
كانت هذه المجموعة محتوية على جملة من الدراسات الجغرافية،
والتاريخية بدل ان تكون مجرد رحلة شخصية تلقاها القراء الكرام برغبة
متناهية، ووردت إليّ كمية ضخمة من رسائلهم تلجّ عليّ بأن أقدّم لهم هذه
المجموعة بشكل كتاب، وهذه المجموعة (جهان ديده) (أي العالَم
المشاهَد) تلبية لرغبتهم " (1).
(1) جهان ديده، ص 1 - 2.
98

الصفحة 98