كتاب سعيد الأفغاني حامل لواء العربية وأستاذ أساتيذتها

ولم تكن للمغني طبعة مشروحة تعين على فهمه؟ كان بعضنا يعتمد
طبعة الشيخ محمد محعى الدين عبد الحميد، وكان كثيرون منا يعودون
إلى طبعاب المغني التي امتزج فيها وطبع على هامشها شرح أو تعليق
للأمير أو الدماميني أو الدسوقي.
وقد كنت أجد الكثير من العَنَتِ والمشقة في المراجعة والدرس
والتلخيص لسوء تلك الطبعات، وصعوبة التنقل في الموضع المطلوب
بين المتن وشرحه، لذلك كان أول ما فكرت فيه حين عدت إلى التدريس
في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق ان أهئ طبعة مريحة للطلاب تغريهم
بقراءتها وتريح عيونهم بحروفها.
بدات العمل بوضع أنموذج محقق من المغني، ثم رحتُ إلى أستاذي
الأفغاني أستشيره في العمل وجدواه، وما يتطلبه نص المغنى من زيادات،
ولم اطلعه على الأنموذج الذي صنعتُ، ففاجأني - رحمه الله - بأنه عمل
منذ سنتين أنموذجاً كان يريد أن يخرج طبعة من المغني على منواله،
وأضاف: ولكني توقفت، ووعدني بإطلاعي عليه.
اطلعتُ على الأنموذج الذي أعطاني - وكان عن (إنْ) المكسورة
الخفيفة، ومازال الأنموذج عندي بخط يده - ثم عدتُ إليه بعد ايام لأقول
له: إن هذا العمل إذا تئمَ، لن يكون كتابَ (مغني اللبيب) لابن هشام!
قال: ما هو إذن؟ قلت: إنه (تلخيص المغني للأستاذ سعيد الأفغاني)
فضحك، وقال: صحيح.
قلت له: لقد لخصت معاني الأداة، وذكرت لكل معنى شاهداً،
ولكنك لم تأتِ فيه بأسلوب ابن هشام واستطراداته، وهو ما نريد أن يطلع
عليه الطلاب، ليظلوا على صلةٍ بالأصول، وكل ما علينا هو ان نيشرَ لهم
ذلك بوضوح الإخراج والتمييز بين الأقسام الكثيرة والتفريعات المتعددة
وتفسير ما يحتاج إلى تفسير. فوافق على الفكرة، وقال: على بركة الله.
106

الصفحة 106