كتاب سعيد الأفغاني حامل لواء العربية وأستاذ أساتيذتها

وقد عفمني - رحمه الله - يوم كان عميداً لكلية الاَداب، واستدعاني
ليسألني عن موضوع يحقق فيه؟ فقال لي: " وَلَا؟ بَ اَلمثهَدَآءُ اذَا مَا دُعُوأ"
1 البفرة: 282)، " وَلَا تَكتُمُوأ اَلثمهَدَ ومَن يَتُمهَا فَإِنَهُ وَ ءَاثِم قَقبإ"
ا البقرة: 1283، وانا اليوم أكتب عن رجل أعرفه، وأكتب مما أعرف، لا
انفل عن كتاب فأعزو إليه او اوثق حديثي منه، ولكني أغمِسُ قلمي في
عاطفة شدّتني إليه، لما رايته فيه من رجولةٍ وعلمِ وفضل، ولما عرفتُه من
جرأته وصراحته، وما شهدتُه من سلوكه واستقامته، وترفعه عن الصغائر،
وعدم مبالاته بما ينبهر به غيرُه، أو يسعى إليه أو يلهث وراء5، من التقزب
من الكبراء وأصحاب المناصب. . على أن أحكامي لن تكون إلى العاطفة
أكثر مما هي إلى الحق والإنصاف.
ثم إن الألستاذ الأفغاني ترك اَثاره تتحدث عنه وتشهد له، وانتَ
واجدٌ فيها كل ما حدثتك عنه من جرأته وصراحته واستقلاله في الرأي أ و
الحكم، وواجد فيها كثيراَ من جوانب حياته ومعاناته؟ فلقد كان ينفس
ببعض جمل يبثها هنا وهناك، وببعض حواشِ وتعليقات يعبر فيها عما في
نفسه من ضيق بأكثر أهل زمانه، وادعياء معاصريه ممن يستغلون الدين ا و
المنصب!.
ولقد أردتُ فيما كتبتُ ان يعرف الناسُ أن الألستاذ الأفغاني ليس
معلّم عربية او أستاذ نحوِ فحسب، ولكنه مرشد ومرلث، وذو ثقافة
إسلامية وعربية واسعة، وليست كتبه في النحو بأحسن في بابها من كتبه
عن اسواق العرب وابن حزم والسيدة عائشة في أبوابها.
لقد كان رحمه الله ذا ثقافة عربية إسلامية أصيلة، ولقد ترك في هذه
الثقافة من الاَثار ما يدل على أنه رجل عزَبه ا لإسلام - كما عرّب الكثيرين من

الصفحة 8