كتاب سعيد الأفغاني حامل لواء العربية وأستاذ أساتيذتها

صالحين، ولكنها دخلت فيمن بعدهم فاشتدت حِدَة العصبية، وحبّ
الغلبة، وكان ذلك أظهر على رجال الكوفة؟ لقلة علمهم بالقياس إلى علم
البصريين، وعرض أمثلة لما دار بينهم من خلاف، فذكر الخلاف بين
الكسائي والأصمعي، وبين الكسائي وسيبويه، وبين الكسائي واليزيدي،
وبين المازني وبعض نحاة الكوفة، وبين المازنيّ وابن السكّيت، ثم بين
المبرّد وثعلب، وبين ثعلب والزجاج.
وعلّق على تلك الأخبار بما يدعو إلى الشك والتوقف، لأن معظم
رواتها من الكوفيين، وجعل الحق إلى جانب البصريين، ورأى حجج
الكوفيين في تلك المسائل التي عرضها حججاً واهية، ولكنه عاد ليفول:
إن النحو الذي وصل إلينا بصري، وإن ما وصل من النحو الكوفي فعن
البصريين وكتبهم، لأن الكوفيين لم تطبع كتبهم، ولأن معظم ما اختلفوا
فيه لم ينعقد فيه او عليه إجماعٌ من أحد الطرفين. ووقف وقفة قيمة عند
الفروق بين المذهبين البصري والكوفي، سواء أكان فرقاً في موقفهم من
السماع أم القياس، وعلَّق بما يفيد تصحيج بعض أحكام المعاصرين في
هذه المسألة.
وختم البحث بالحديث عن أثر العصبية في الخلاف، وردّ رأي
الذين أرجعوا الخلاف إلى السياسة، وقدم (عامل الاجتهاد) وراه ذا أثر في
الخلاف بين نحاة المدرسة الواحدة.
وفصّل القول بعد ذلك في أثر العصبية والتنافس، وذكر أمثلة تدل
عليه، وانتهى إلى أن ذلك كان فيما بينهم، ولكنه لم يمسّ النحو، ولم
يؤثر فيه بشيء، وإنما حمل النحو طابع العلماء أنفسهم في التفكير
والتنسيق سعةً وضيقاً، ونظاماً وبلبلةً، وا نتهى إلى نتيجتين هما:
ا - ليست السياسة عاملاً في تكوين النحو الكوفي.
2 - ان صورة الخلاف وحدَّة التدافعِ بين المدرستين مبالغٌ فيها.
81

الصفحة 81