كتاب سعيد الأفغاني حامل لواء العربية وأستاذ أساتيذتها

وختم البحث بعرض طائفة من كتب الخلاف، ثم بالإطلال على
ما بعد عصر الخلاف، والحديث عما عرف في تاريخ النحو بالمذهب
البغدادي، ثم بالحديث عن مسيرة النحو في الأندلس.
وجعل للكتاب خاتمة تحدث فيها عما ينبغي أن نصنعه اليوم للغتنا
بعد أن عرفنا ما صنع لها الأقدمون، ودعا إلى تجئب الماَخذ التي أخذناها
على القدماء، إذا اردنا إعادة بناء القواعد العربية، وقال:
"إن لغة القراَن والحديث النبويّ بوجهٍ خاص، ولغة قريش بوجه
عام؟ هي الغالبة الشائعة، نقرؤها في الكتب قديمها وحديثها، وفي صحف
اليوم ومجلاته وجميع إذاعاته العربية الصادرة في بلاد العرب أو في البلاد
الأجنبية، يستوي في ذلك أبناء العربية والذين شدَوْا منها شيئاً من الأجانب
عنها.
واظن بعد ذلك أن الطريق واضج؟ فعلينا إهداركل لغة لا نستعملها
نحن اليوم، ولم تستعملها اللغة الشائعة في القراَن الكريم والحديث
وكتب الأدب والتاريخ وسائر الفنون الحضارية التي خففها أسلافنا، ثم
نؤسس قواعدنا على هذا التراث الموثوق به، والذي كفلت له اصالته
الحياةَ؟ نستقصي مفردات القراَن وتراكيبه في جميع قراءاته، ونمعن النظر
فيما اطمأننا إلى صحة صدوره عن اهل الصدر الأول من الحديث، ثم
فيما نطمئن إليه من نثر الأقدمين، ثم نبني بعد هذا الاستقصاء قواعدنا على
ذلك كله، متوخين أقصر الطرق وأسهلها، والأشيع ثم الأقيس فيما فيه
لغتان فصيحتان.
وأنا واثق بعد ذلك أننا سنهدر ركاماً ضخماً من قواعدَ وتعريفات
واستثناءات بنيت على شاهد مجهول أو لغيّة محرّفة، أو ضرورة شعرية،
ونهدر إزاءه مقداراً ضئيلاً لا يعتد به من خلاف اللهجات. وتكون القواعد
82

الصفحة 82