كتاب خير الدين الزركلي المؤرخ الأديب الشاعر صاحب كتاب الأعلام

شكيب أرسلان، وأكرم زعيتر، وإسعاف النشاشيبي، وعبد المحسن الكاظمي،
وكان خير الدين الزركلي لوْلَبُها وعريفها، وراح يرنج المشاعر، ويهزّ الأعطاف،
وهاج الحضور وهو يشدو:
عين الحِمى تبكينْ؟ والسُحْب تَبْكينا
لكلّ أمرِ حينْ خَلِّي البُكا حينا
هاتي صلاح الدينْ ثانية فينا
الشامِخَ العِرْنينْ عِزّأ وتمْكينا
وَجَدّدي حِطين أو شبه حِطِّينا
واغرورقت العيون بالدموع حين خاطب الزركلي صلاح الدين:
ياراقداَ في الشامْ يسقيك غاديها
قد خَلَتِ الاجامْ مِنْ رابضِ فيها
توالتِ الاَلامْ وانقضَّ مُزجيها
هل ترجع الأيامْ بيضاَ لياليها
وتخْفق الأعلامْ فَوْقَ رَوابيها
ويقول أستاذنا أكرم زعيتر رحمه اللّه عن فِعْل أنشودة الزركلي في الناس:
" ومما لازم هذ 5 الذكرى أن خير الدين ألخَ على إسعاف النشاشيبي بأن يخطب
في الحفلة، وعهد إليئ في اصطحابه إلى حيفا لهذه الغاية، وقد كنت في
الخطباء، وجعل إسعاف - وكان ثَملاَ - ينشئ الخطبة فلا يواتيه قول إلا مُتَعْتَعاَ،
ولا يساعِفُه بيان يثبت على السبك، وعيئَ عن الخطاب، فترك الخمرة، وتناول
صبح اليوم التالي فطور 5، فاستطابه للمرة الأولى منذ أمد بعيد، ثم أنشاً يكتب،
فبرع وسطع، وحفق وجؤد، وخطب فأقام وأقعد، حتى إن محب الدين الخطيب
جعل عنوانها حين نشرها (أسطول النشاشيبي) وقد سمعت إسعافأ يقول لخير
الدين بعد ذلك: "فكّرت في العودة إلى الخمرة، ولكني استحييت من صلاح
الدين، إنني مدين بتركها لاثنين: صلا! الدين وخير الدين " وسمعته بعد ذلك
ينكر أنه ذاقها، لأن عُمره بدأ يوم عافها".
107

الصفحة 107