كتاب خير الدين الزركلي المؤرخ الأديب الشاعر صاحب كتاب الأعلام
ويقول الدكتور محمد رجب البيومي في كتابه (النهضة الإسلامية في سير
اعلامها المعاصرين: 3/ 135): " وواضح أن النشيد الجماعي لا يُراد به الغوص
على المعاني، بل يراد به مخاطبة النفوس الغفحة، والتسفل إلى العواطف النائمة
في صدور الناشئة، وهو بذلك ذو تأثير يفوق تأثير القصائد الشعرية، لأن القصائد
في كثير من منازعها ذات صقل فكري يرتفع عن مستوى العامة، وقد يطربون
للجو العام حين يسمعون القصيدة في محفل أدبي أو سياسي، ولكن النشيد
الذي يكتب ليتردد على الألسنة يصبج شعاراً واسع الانتشار، وقد أدرك الزركلي
أثر أناشيد 5 في الخاصة والعامة معاً، فجرى معها شوطاً طويلاً، إذ اخذت حيزاً
فسيحاً في ديوانه الكبير".
وأضيف هنا إلى أن الزركلي انقطع عن نظم الأناشيد بعد الثلاثينيات من
القرن العشرين، ولم ينظم بعد ذلك إلا نشيداً واحداً عام (948 ام) (اشهدي
يادماء)، ص 97:
بين نُعْمى السرورْ وماَسي الغُمومْ
عاش الزركلي في فترة كان لمصر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وخليل
مطران، هاسماعيل صبري، وكان للبنان شبلي الملاط وبشارة الخوري، وكان
للعواق معروف الرصافي وجميل الزهاوي وعبد المحسن الكاظمي، وكان
لمكة فؤاد الخطيب (1)، فأطلع الأفق الدمشقي شاعراً للشام: الزركلي.
كان حيناً أشهر شعراء دمشق الأربعة: محمد البزم، وخليل مردم بك،
وشفيق جبري، والزركلي. وفي تلك السنوات التي سبقت دخول الفرنسيين
والتي توالت بعدها، واتَقدت فيها شاعرية الزركلي، وجاء بتلك الروائع، تدفق
شعر 5 غزيراً فياضاً نحو عشر سنين، ثم غاض. وقد حمل لواء الشعر في الشام
في وقت كان عدد الشعراء فيه محدوداً. ولم يسطع نجمه ولم يزكُ شعر 5 إلا
(1)
فؤاد الخطيب لبناني كما هو معلوم.
8 0 1
(الناشر)