كتاب خير الدين الزركلي المؤرخ الأديب الشاعر صاحب كتاب الأعلام
اكثر، ننقب عما نسترشد إليه من الاَثار، وننطر في ما نمر به من القرى والديار،
ونتربص في بعض الجنائن والبساتين ونعود بعد الغروب، وكثيراً ما كانت
جماعتنا تتألف من أمير الطائف (الشريف شرف بن راجج) ووكيل حربية
الحجاز (صبري باشا العزاوي) وقاضي الطائف (الشيخ عبد الله كمال) ومدير
شرطته (الشيخ درويش الحدائي) وفريق من ضباط الجيش، فنجمع بين لِذتي
الرياضة والاستقرار، والنزعة والاستطلاع، ولطالما كنا نعاني الضعاب في
صعود الجبال والهضاب، غير أن اللذة في ما كان يلوح لنا من أثر أو منظر لم
تَبْرَح تشجعنا على المضي في التصعيد والتطويف والتشريق والتغريب، وناهيك
بما هنالك من صفاء في الأرض والسماء، وسكون في الطبيعة والفضاء، لولا
ما كان ينتاب النفس - وللنفس حنين - من نزوع وتشوق، وتطفُع وتشوّق إلى
ديار، هي صبابتي ورباع اُنسي، ومهوى هواي ومنبت غرسي، هي ديار الشام
المنكوبة، بلاد الاَمال والألام، سلام عليها وألف سلام ".
ثم عقد فصلاً هو أطول فصول الكتاب (في ضيافة الملك) ويعني به الملك
حسين بن علي، فتحدث عن قَصْرَيْه، ووصفهما وصف مُشاهدة، وتحدث عن
الملك، وفضل الحديث عن نسبه وتاريخ حياته، دمامارته، وسيرته وأخلاقه،
وعن رسائل مكماهون إليه، وعهود بريطانية إليه، وثورته على الترك عام
(334 ا هـ= 1916 م) ومبايعته بالملك، وذكر ابناء الملك حسين الأربعة على
ترتيب أسنانهم تبعاً لقاعدتهم في تقدم الاكبر فالذي يليه، وهم: علي،
وعبد الله، وفيصل، وزيد، مع الترجمة لكل منهم.
وتحدث عن برنامج الملك حسين اليومي، وحياته الخاصة، وأسلوبه في
الكتابة، وشعره، وقوته النظامية والبدوية، وقد وصف ذلك الزركلي بقوله
ص 164: "كان نصيبي منها أن أرى جلالته اكثر من ساعتين في كل ليلة من
نيف وتسعين ليلة، أسمع حديثه مع المستمعين، وأكلمه مع المتكلمين،
فعرفته في سروره ورضا 5، كما عرفته في كدر 5 وغضبه، ورايته في جد الأمر،
وقل ان رايته في لعبه، واجتمعت لي طائفة كبيرة مما يحرص على العلم به
168