كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد

وكان المظنون أن ينتقل الدكتور إلى كلية الاَداب ليدرس الفلسفة التي نال
فيها دكتوراه الدولة بباريس، وقد انتقل إلى كلية الحقوق ليدرس الشريعة التي لم
يؤلف فيها من قبل، ولكنه وهو العالم الأزهري الضليع لم يكن بعيداَ عن الحقل
الجديد، وقد اثبت جدارته الفالْقة حين بهر طلابه بغزارة معارفه وشمول نظرته،
ثم اصدر من الكتب العلمية في محيط الفقه الإسلامي ما سامى به نظراءه من
الأساتذة الكبار بكلية الحقوق (1).
12 - وبعد نحو ئلاث سنوات قضاها بكلية الحقوق في جامعة فؤاد أستاذاَ
مسإعداَ للشريعة رقي سنة (955 1 م) استاذاً ورئيساَ لقسم الشريعة بجامعة عين
شمس، وظل بها حتى أحيل إلى المعاش سنة (959 1 م).
وقد انتدب ثلاث مرات في أثناء عمله بالجامعة لإلقاء محاضرات في
الشريعة الإسلامية في كلية الحقولتى جامعة الخرطوم، وكان منهج هذه الكلية
يختلف عن منهج كليات الحقوق في مصر، فهو يشمل شيئاَ يسيراَ من الفقه
وبعضاَ من التفسير والحديث مما لا يمث للقانون بصلة مباشرة، فغيَّره وجعله
على غرار منهج الجامعات المصرية، كما أن دراسة المواد جميعها - ماعدا
الشريعة - كانت بالإنكليزية، ولذلك كانت المرإفعات في المحاكم باللغة
الإنكليزية، فسعى حتى غيّرت لغة الدرإسة في كثير من المواد إلى اللغة العربية
وكان من نتحجة هذا اختيار عميد الكلية من الأساتذة السودانيين، وكان من قبل لا
يختار إلا من الإنكليز.
وكانت الكلية تطلب كل عام بعض المستشرقين للإشراف على امتحان
الطلبة في مادة الشريعة، فوقف ضد هذا، وأصر بأن أستاذ الشريعة المسلم هو
الذي يجب أن يتولى هذه المهمة دون سواه مهما بلغت مكانته العلمية، فاجيب
إلى طلبه، ولم يدع مستشردتى بعد ذلك لهذا الغرض.
(1) انظر مجلة المنهل، ص ه 6 1.
21

الصفحة 21