كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد

22 - واذا كان الإنان تقياَ زاهداَ وصاحب رسالة يؤمن بها ويسعى من
أجلها فإنه يحيا أبياَ كريماَ عزيز النفس، صريحاَ سجاعاَ لا يعرف النفاق أ و
الرياء، فلم يرو عنه انه قال نعم وهو يريد قول لا، ولم يَعِد وهو ينوي الإخلاف،
كما كان صريحاَ كل الصراحة، فلا يعرف المواربة، ولا السكوت على باطل، أ و
التغاضي عن منكر، وهذه إحدى كلماته التي توضح صفاته الخلقية وتعد - فيما
ارى - دستوراَ للشجاعة الأدبية، والكرإمة الإنانية، قال:
9 لي! برجل من لا يستطيع أن يقول: "لا" إذا سيم خطة خسف، لي!
برجل من إذا ضمه مجلس لكبير من الناس قعد منه مزجر الكلب، وجعل نفسه
بوقاَ يردد ما يقول، ويؤمن بما يحدث، ويتابع ما يرى.
ليس برجل من يقبل عليك مع الدنيا حين تقبل، ويدبر عنك معها حين
تدبر.
إنما الرجل من امن بالئه، وانه الضار والنافع، وخالط هذا الإيمان قلبه
وروحه، فهو يصدع بالحق، وإن هدد بالويل والثبور.
إنما الرجل من عرف حقاَ أن الدنيا عرض زائل، فاحتفظ برجولته وكرامته
ولم يرض لنفسه ان تثلم هذه الكرامة، ولو كان البدل الدنيا بأسرها.
إنما الرجل من ينصح لأمته واولي الأمر فيها إن تملق لهم أشباه الرجال
الذين يدورون مع الريج، ويجرون ما سبق أن اعتقدوا من آراء كما يجر المرء
قميصه وجلبابه إن غدا لا يتفق مع البدع (1).
أليست هذه الكلمات تعبيراَ عن نفس أبية ترى المذلة كفراَ، وتؤمن بأن
الرجل لا يكون رجلاَ إ لا بالإيمان الصادق والمواقف الإيجابية، انتصاراَ للحق.
وهكذا كان الدكتور موسى الذي جعل هدفه في الجاة كما قال: الحق
(1) انظر مجلة الأزهر: 2 2/ 4 1 2.
28

الصفحة 28