كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
وحده، ولا يريد غيره، وقد اوقف حياته لطلب الحق والدفاع عنه (1).
23 - والإنسان الذي يعمر قلبه الإيمان، ويخشى أن يراه الله حيث نهاه
والذي يحيا لعقيدة يؤمن بها، ورسالة يسعى في سبيلها لا يعرف غير الجد
والعمل الدائب في حياته، لأن قضاء لحظة من لحظات العمر في غير عمل
صالح إثم ومعصية، فالوقت هو الحياه، وإذا ضاع في لهو او كسل، فلا قيمة
لهذه الحياة مهما طالت، وكل امرئ مسؤول عن عمره فيم أفناه وأبلاه.
ولهذا كانت حياة الدكتور موسى منذ التحاقه بالأزهر عملاَ جاداً، وكفاحاً
متصلاَ، وكان مع جده وحرصه على الوقت إنساناً لطيف المعشر، رقيق
الحاشية، ولكنه كان يكره ان يزوره أحد من غير موعد، وكان يحب النظام،
فلكل شيء مكان، ولكل عمل وقت، وكان يضيق بالخضوع للتقاليد إذا لم يكن
لها مسوغ من العقل او الدين، أو إذا كلفته مجهوداَ أو مظهراًاو خالفت ما الفه
هو واعتاد 5، وهذا راجع إلى صراحته بحكم فطرته ومنبته.
24 - والشخصية الجادة تتمتع أيضاَ بقوة الإرإدة والعزيمة، ولا تزيدها
الشدائد إ لا إصراراً على مواصلة الكفاح، واقتحام ابواب جديدة للعمل إذا حيل
بينها وبين ما تسعى إليه أو تحرص عليه، كما تتمتع كذلك باستفراغ الوسع فيما
يعهد إليها من مسؤوليات، وما يلقى على عاتقها من واجبات، فهي دائماَ تحاول
الإخلاص في العمل، وتنقيته من كل شائبة تزري به كالتفريط والنفاق، وعدم
الإحسان والإتقان.
والدكتور موسى - بشخصيته الجادة وعزيمته التي لا تعرف القنوط، ولا
ترضى الاستجدإء - واجه كل ما اعترض حياته من مشكلات بالموإقف الإيجابية
العملية التي تعكس صلابة الإرادة وقوة الشخصية، فهو حين رسب في الكشف
الطبي بعد تعيينه في الأزهر لأول مرة، اتجه إلى قسم التخصص وقبل ما اشترطه
(1) انظر المصدر ا لسابق: 3 1/ 5 4 4.
29