كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
عليه رئيس القسم، وبعد نجاحه المتميز في امتحانات التخصص ورفض شيخ
الأزهر تعيينه بحجة واهية، وهو أنه كان طالباَ منتسباَ اتجه مباشرة إلى العمل
الحر، فدرس الفرنسية لتكون وسيلته إلى دراسة الحقوق حتى يعمل بالمحاماة،
ونجح في هذا نجاحاَ فائقاَ.
إنها العقة بالنفس، وقوة الشكيمة والعزيمة، ومن توافرت لديه هذه
المعاني السامية خاض الغمرات دون وجل، وثق الطريق بين الصخور دون
ملل، وعاش حياته ابياَ كريماَ لا يحني راسه لبثر.
25 - والشجاعة في الحق والثقة بالنفس، والحفاظ على الكرامة صفات
تضفي على من تحلى بها رحابة الصدر، وسماحة الخلق؟ لأن من كان شجاعاً
في الحق يغبطه ان ينتصر له سواه، ومن وثق بنفسه وحافظ على كرامتها لا تثيره
اللمم، ولا ينفعل انفعال الأحمق، ولا يحسد من فوقه، ولا يحقر من دونه، فهو
حليم متواضع أبداَ، وهكذا كان الدكتور موسى لا يضيق بمن يخالفه في الرأي،
ولا يحاول بما لديه من قدرة على الجدل ان ينتصر لنفسه، لقد كان عالماَ
متواضعاَ يحترم الاَخرين وإن اختلف معهم في الرأي، وكان حديثه عن إخوانه
وزملائه من العلماء والمؤلفين ينم عن تواضع وأدب جم، فهو يقول عنهم:
صديقنا العلامة فلان، او الأخ العلامة فلان، او الأخ العالم المحقق فلان، ا و
صديقنا وزميلنا فلان (1)، ونحو تلك الكلمات التي تعبر عن المجاملة بين
الأصدقاء والزملاء". والتي تفوح باريج التواضع، ومنطق الحوار العلمي الذي
يؤلف بين القلوب ولا يثير بين العلماء الضغائن والشحناء.
وحين كتب عن إصلاح الزهر هاجمه كثير من شيوخه، وتجاوزوا في
نقاشهم معه حدود الموضوعية، واتهموه بأنه يريد تخريب الازهر، وأنه صنيعة
من تلقى منهم الفلسفة في باريس - قابل هجومهم واتهامهم بابتسامة الهادئ
وثبات المطمئن، ولم يشاً ان يباريهم فيما تورطوا فيه، وكفاه انه بما كتب أراد ا ن
(1) انظر مجلة (الكتاب)، عدد ثوال صنة (372 ا هـ)، ص 7 0 9.
30