كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
إلى كل من يريد، وأن مهمة النقاد عسيرة كل العسر، ولكنها فرض على القادر
عليها، كما أنها لابد منها لصالج الكاتبين والقراء معاَ: أكتب هذه الكلمة وقد
فرغت من قراءة رد الأستاذ الدكتور البهبيتي على السيدة الدكتورة بنت الشافى،
أو بعبارة أخرى على نقدها لكتابه: (تاريخ الشعر العربي حتى آخر القرن
الثالث)، ولم يسعدني الجد حتى بمعرفة الأستاذ المؤلف والسيدة الناقدة معرفة
شخصية، د! ان كنت أعرف كليهما مما يكتب، فهذا هو السبيل الوحيد حتى الان
الميسور لتعارف الكتاب ورجال العلم. واستطرد قائلاَ: ولست بالذي يريد بهذه
الكلمة حسم الخلاف بين الطرفين، فليس يؤهلني تخصصي لمثل هذا، ولكني
تذكرت الاَن قصة صغيرة حدثت منذ اكثر من عثر سنوات.
36 - ثم قص ما جرى له وهو يراجع مع استاذه الشيخ مصطفى عبد الرزاق
بعض بحوثه ودراساته قبل سفره إلى فرنسة، فقد حضر أحد المدرسين بكلية
الاَداب مرة لقاء الدكتور مع استاذه، وتساءل عن مدى معرفة الدكتور باللغا!
الأجنبية، ولما عرف انه لا يتقن من هذه اللغات سوى الفرنسية قال له: كيف إذاَ
تستطيع دراسة الفلسفة الإسلامية؟، وهنا تولى الأستاذ الشيخ الرد بقوله: إذا
كان صديقنا لا يستطيع دراسة الفلسفة الإسلامية لأنه لا يعرف من اللغات إلا
الفرنسية، فكيف استطعت أنا ان اكون أستاذ الفلسفة الإسلامية بالجامعة مع اني
لا اعرف إ لا الفرنسية مثله تماماَ؟.
ويعقب الدكتور موسى على ما جرى في هذا اللقاء بقوله: هل لي ان اقول
بعد ذلك بأن تفسيرهذا الأخ الجامعي لطريق المعرفة والدراسة إلى حد يكاد
يكون سداَ لبابها لا يقل عنه تفسبر الأستاذ والدكتور البهبيتي لمهمة الناقد، حتى
ل! ان كان ناقداَ خاصاَ، أو مختصاَ بالموضوع الذي يتناوله بالنقد؟.
37 - ويخلص الدكتور موسى مما قصه إلى بيان رأيه في ثقافة الناقد
فيقول: من واجب الناقد حقاَ أن يكون له اختصاص بالأثر العلمي أو الفني الذي
يتناوله بالنقد، وعليه بعد هذا ان يقرأه قراءة استيعاب وتمحيص، ثم يكون له
بعد ذلك كله أن يحكم بما يرى، فإن لم يكن منه كل ذلك، كان مقصراَ باعتباره
ناقداَ.
36