كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
4 4 - كل هذا وغيره دفعه إلى الدعوة إلى تطوير الأزهر هاصلاحه؟ لأن
الأزهر - وإن كان في مصر - ليس لمصر وحدها، ولكنه لأمة الإسلام جميعاَ،
والأمر في هذا ثابت واضح لا يحتاج إلى دليل أو توضيح. وكان في دعوته جريئاَ
لا يخشى في الحق لومة لائم.
وقد كثرت آراؤه حول الأزهر ورسالته هاصلاحه، وهي مع كثرتها تدور
في نطاق أربع نقاط هي:
الأولى: مكانة الأزهر العالمية ورسالته.
الثانية: نقد الواقع الأزهري ووجوب ثغييره.
الثالثة: الدفاع عن حقوق الأزهر.
الرابعة: التصور العلمي لإصلاح الأزهر"
5 4 - أما النقطة الأولى فبين الباحثين في تاريخ الأزهر إجماع عليها وهي
أن لهذا المعهد الجليل مكانة عالمية ورسالة علمية للأمة الإسلامية كلها،
وتاريخه الطويل خير شاهد على مكانته واضطلاعه بهذه الرسالة، فللأزهر من
ثم منزلة علمية فريدة، وهي منزلة القيادة الفكرية الإسلامية للأمة قاطبة، وقد
ساعده على القيام برسالته الأوقاف الكثيرة التي حبست عليه.
وفي العصر الحديث ادرك المستعمرون هذه المنزلة فكانوا يحسبون
لشيوخه حساباً كبيراً، ويخشون محا يصدر عثهم من آراء ومواقف، فخططوا
لعزلته وإضعاف أثره في توجيه الحياة في مصر، بل الأمة الإسلامية كلها، وكان
لشيوخه مع هذا - كما أومأت آنفاً - دور سلبي في إصلاحه، حتى أتى عليه حين
من الدهر تخلى فيه عن رسالته على نحو ما قام بها في الماضي، وأصبح مهدداً
بالزوال ما لم تتخذ الوسائل العملية الجادة لإصلاحه وتطويره، حتى يستطيع أ ن
يؤثر أثراً بليغاً في حياة العصر إن لم يسيطر عليها، بتوجيهها إلى أنبل الغايات
على اساس الإسلام وتعاليمه الحقة.
46 - ومن أجل أن يكون حاضر الأزهر ومستقبله امتداداً طيباً لماضيه
43