كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد

وكان ذلك تحقيقاَ لتك السياسة التي تغئت منع الأزهر من القيام برسالته، من
حراسة الدين، وأخذ الأمة به، حتى يتم لأعداء الإسلام ما يخططون له من فصل
الدين عن الدولة فصلاَ تاماً، ومن ثم قام الأزهريون بثورة هادئة جادة حازمة،
وكان ذلك في اوائل الخمسينيات من القرن الميلادي المنصرم من أجل المطالبة
بحقوقهم المادية، ومساواتهم بغيرهم في هذه الحقوق.
وشارك الدكتور موسى في هذه الثورة الهادئة بما كتب، فقد نشر في
مجلتي (الأزهر) و (الرصالة) كلمة تحت عنوان (في سبيل الله والأزهر) (1)،
كلمة قال فيها: "يتساءل كثير من الناس ممن لم يتبطنوا الأمر، ولم يفقهوا ما يراد
بالأزهر عن السر في ثورة الأزهريين جميعاً طلاباً وأصاتذة، وكيف اصبحو!
يطلبون مطالب مادية كما يطلب الغير، وقد عهدوهم زهاداَ في الدنيا حين
يتكالب غيرهم عليها، ولهؤلاء المتسائلين عن هذا النحو اتوجه بهذه الكلمة:
ما كان الأزهر في يوم ما طالب دنيا، ولكنه صاحب رسالة، يحرص على
ادالْها، ويرجو أن يُعان عليها، بل الا يحال بينه وبينها، وهذه الرسالة هي حفظ
كتاب الله وحراسة شريعته، وإذاعة التعاليم الإسلامية في مصر وغير مصر، من
اقطار الأمة الإسلامية، والعمل على أن يكون هذا الكتاب الكريم وتلك الشريعة
السمحاء هما الفيصل في نواحي التثريع والأخلاق والتقاليد".
52 - ثم يفصل القول بعض التفصيل في أهم معالم السياسة التي وضع
دعالْمها المستعمِر لعزلة الأزهر، واضمحلال دوره في التمكين لثرع الله بين
الناس، وإن كانت الحكومة مسؤولة عن جانب من تبعاب تلك السياسة.
ومن أهم هذه المعالم أن الاستعمار هان رحل عن ديارنا فقد خلف وراءه
صنائع يخدمون بعض ما كان له من غايات، من حيث يدرون ولا يدرون،
وضرب لذلك مثلاَ بما نشره احدهم في اوائل عام (9 4 9 1 م) في صحيفة إسلامية
واسعة الانتشار، قال: "ولا يخفى أننا في مصر نجري في حكمة واعتدال على
(1)
سبقت الإشارة إلى هذه الكلمة في الهاث! الخاص بالفقرة رقم (43).
48

الصفحة 48