كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
فصل الدين عن أمور الحكم، وخلافات السياسة ".
ويعقب بعد ما ساقه من نماذج تعبر عن جهل بالشريعة، ودعوة إلى إ قصاء
الدين عن الدولة والمجتمع بقوله: " نرى الأزهر يذاد عن القوامة على الشريعة
فيما يفرض على البلد من قوانين ترجع إلى كثير من المصادر، ماعدا شريعة الله
ورسوله -لَج!، كما لا يسمع لقوله فيما يجري في مصر من منكراب ومظالم
واَثام، وفيما يشيع فيه من تقاليد تبعد عن أمر الله والخلق الطيب بعد المشرق عن
المغرب.
ويخلص مما ذكره عن محاولات إبعاد الدين عن الدولة، والتهوين من
شأن علماء الدين، وانتقاص حقوقهم في غير ورع أو حياء إ لى أن هناك عدم فهم
لحقيقة ما يجري في الأزهر، ومن تجاهل للعلل الاولى للمحنة التي يمر بها،
فكيف يقال: إن الأؤهريين يثورون طلباً للمادة كما يفعل الأغيار.
53 - ويقرر في ختام تلك الكلمة أن الأمر لا يعدو إحدى اثنتين: إما أ ن
تكون مصر والعالم الإسلامي في غير حاجة للأزهر، ا و أن تكون في حاجة ماسة
إ ليه.
فإن كانت الأولى فليغلق الأزهر، ولينفق ما يرصد له في الميزانية على
غيره من مرافق البلد، وليريحونا من هذه الحياة التي لا يرضاها حر أبي كريم.
وإن كانت الأخرى، وهذا ما نعتقده صحيحاً فعلى الدولة أن تعرف
للأزهر وأبنائه منزلتهم، وأن توفر لهم الحياة الكريمة كفاء ما يقومون به من
رسالة، وما عليهم من تبعات، وعلى الأمة الإسلامية كلها أن تطالب الدولة
بذلك كله في جد وإلحاح، وأقول الأمة الإسلامية، لا! إلازهر - وإن كان في
مصر - ليس لمصر وحدها، ولكنه لأمة الإسلام جميعاً. .، وليس لأحد ممن
بيدهم الأمر ان يتعلل بإمكان الميزإنية العامة للدولة أو عدم إمكانها، وإ لا فكيف
تتسع هذه الميزانية للإغراق على جميع الطوائف، بل وللإغراق على فرق
التمثيل والرقص تستقدمها من أوروبة للترفيه عن الاغنياء المترفين.
49