كتاب محمد يوسف موسى الفقيه الفليسوف والمصلح المجدد
إن المسألة ليست اليوم مسألة مطالب مادية عادلة فحسب، وإنما هي مع
ذلك مسألة كرامة وعزة، ويجب ان يكون للأزهر قيمته ومنزلته التي عرفها
التاريخ وعرفها العالم الإسلامي، فيعترف له بحقوق، ويفدر أهله، وما يؤدون
للبلاد من خدمات التقدير اللائق.
54 - ويتضح من هذا الموقف في الدفاع عن الحقوق المادية للأزهر
ورجإله ان الأمر يتعلق بالكرامة، وباحترام منزلة الأزهر وتقدير رسالته،
وبالعدالة والمساواة بين العاملين في الدولة في حظوظ العيش، ولي! الأمر أمر
دنيا يصيبها الأزهريون كما يخطئ بعض الناس في فهم ثورتهم ومطالبهم، إنهم
بشر لهم مطالب ضرورية وحإجية كغيرهم من البثر، حتى يمكنهم أن يؤدوا
رسالتهم، وهي رسالة سامية تعد امتداداَ لرسالة الأنبياء والمرسلين، فهضم
حقهم عدم اعتراف برسالتهم إزراء بهم، ولذا كان الأمر على حد قول الدكتور
موسى في كلمته جد خطير، وقال: "الا لهان من يؤمن بالئه ودينه والرسول
وشريعته والأزهر ورسالته طلاباَ واساتذة ورؤساء لي! له أن يتزحزج خطوة
واحدة عن هذا الموقف الذي نقفه الاَن جميعاَ في سبيل الله والأزهر، وإلا كان
فاراَ من الزحف، وباء بسخط من الله ورسوله والمسلمين جميعاَ في مشارق
الأرض ومغاربها " (1).
لقد اعتبر هذه الثورة جهاداَ، وكل من يتخلف عن مساندتها والوقوف
معها فهو كمن فر من الزحف لمواجهة اعداء الله، وكانت عاقبة أمره خسراناَ في
الدنيا والاَخرة، لأنها ثورة من اجل الحق والعدل.
55 - ولأن الدكتور موسى كان دائم التفكير في الأزهر وصالج الأزهريين
لم يتخل عن دعوته في الإصلاج بعد ان انتقل إلى الجامعة، بل تضاعف اهتمامه
بهذا الموضوع، فقد كتب في عدد المحرم من مجلة الأزهر سنة (371 اهـ)
كلمة عنوانها (في الأزهر ورسالته دماصلاحه) قدم لها بهذه العبار 5: "نحن الاَن
(1)
انظر مجلة الأزهر: 2 2/ 399؟ ومجلة الرسالة: 9 1/ 4 5 1.